غَوى) وكذلك الى آخر السورة ، فلما ذكر الأصنام وقسمة الأولاد وما كان يزعمه الكفار ، قال تعالى : (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) فجاءت اللفظة على الحرف المسجوع ، الذي جاءت جميعها عليه ، وغيرها لا يسد مسدّها في مكانها.
واذا نزلنا معك ـ ايها المعاند ـ على ما تريد ، قلنا : ان غير هذه اللفظة احسن منها ، ولكنها في هذا الموضع لا ترد ملائمة لاخواتها ولا مناسبة ، لأنها تكون خارجة عن حرف السورة ، وسابين ذلك فأقول : اذا جئنا بلفظة في معنى هذه اللفظة ، قلنا : «قسمة جائرة ، او ظالمة» ولا شك : ان جائرة ، او ظالمة ، احسن من ضيزى ، الا انا اذا نظمنا الكلام فقلنا : «ا لكم الذكر وله الانثى* تلك اذا قسمة ظالمة» لم يكن النظم كالنظم الأول ، وصار الكلام كالشىء المعوز الذي يحتاج الى تمام ، وهذا لا يخفى على من له ذوق ومعرفة بنظم الكلام ، انتهى وسيجىء ـ ايضا ـ نقل كلام منه في آخر ـ بحث التكرار ـ يوضح المقام. (والفصاحة في الكلام ، خلوصه) اي : الكلام من النقص في الصورة والمادة والدلالة ، اي : (من ضعف التأليف) اي التركيب (و) من (تنافر الكلمات) ، اي : منافرة كل واحدة للاخرى ، لا تنافر أجزاء كلمة واحدة ، فان ذلك من فصاحة الكلمة ـ كما تقدم ـ (و) من (التعقيد) ، ويأتي بيان كل واحد مفصلا.
لا يقال : في قوله : (مع فصاحتها حال من الضمير في خلوصه) نظر ، بل منع ، اذ يلزم على ذلك ان يكون العامل في لفظة مع لفظة : الخلوص ، بناء على ما صرح به ـ ابن مالك ـ من قوله :
ولا تجز حالا من المضاف له |
|
الا اذا اقتضى المضاف عمله |