(ولفظ (ضِيزى) و (دُسُرٍ) ، كذلك) ، قال ـ ابن حاجب في أماليه ـ : ان الشىء قد يكون غير فصيح ، فيلحقه امر فيجعله فصيحا ، كقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) فان الفصيح : بدء يبدأ ، بل لا يكاد يسمع ابدا ، قال الله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) لكن فصح (يُبْدِئُ) هاهنا لما حسنه من التناسب مع قوله (يُعِيدُهُ).
قال في ـ الاتقان ـ اعلم : ان المناسبة امر مطلوب في اللغة العربية يرتكب لها امور من مخالفة الاصول ، الى ان قال : السابع عشر : ايثار اغرب اللفظتين ، نحو (قِسْمَةٌ ضِيزى) ولم يقل «جائزة» (لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) ولم يقل : جهنم ، او النار ، وقال في المدثر : (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) وفي سأل (إِنَّها لَظى) وفي القارعة (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) لمراعاة فواصل كل سورة.
قال في ـ المثل السائر ـ : حضر عندي في بعض الأيام رجل متفلسف ، فجرى ذكر القرآن الكريم ، فأخذت في وصفه ، وذكر ما اشتملت عليه الفاظه ومعانيه من الفصاحة والبلاغة.
فقال ذلك الرجل : واي فصاحة هناك؟ وهو يقول : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) فهل في لفظة ـ ضيزى ـ من الحسن ما يوصف فقلت له : اعلم : ان لاستعمال الألفاظ اسرارا ، لم تقف عليها انت ولا ائمتك ، مثل ابن سيناء ، والفارابي ، ولا من اضلهم ، مثل ارسطاليس وافلاطون ، وهذه اللفظة التي انكرتها في القرآن ، وهي لفظة ـ (ضِيزى) ـ فانها في موضعها ، لا يسد غيرها مسدها.
ألا ترى : ان السورة كلها التي هي سورة النجم ، مسجوعة على حرف الياء ، فقال تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما