فتأمل جيدا.
وهاهنا : حكاية لطيفة ، ـ والعهدة على الحاكي ـ وهي : ان المصنف ، استشكل على التعريف التي عرفوا بها الفصاحة والبلاغة بأنى لم اجد في كلام الناس : ما يصلح لتعريفهما به ، فاعترض عليه خطيب اليمن ـ في حال حياته ـ : بأنه لا مدخل للرأي ، اي : رأيك ورأي غيرك ، في تفسير الألفاظ ، بل المناط في تفسيرها : هو الواقع وصحة التعريف ، سواء كان صالحا برأيك ورأي غيرك ، ام لم يكن.
فاجاب ـ المصنف ـ عن هذا الاعتراض : بأني لم اقل : ان تعريفات الناس غير صالح ، على رأيي او رأى غيري ، بل اقول : ان تعريفاتهم غير صالح واقعا ، حيث : لم يصنعوا فيها : ما يجب فيها من التقسيم اولا ، ثم تعريف كل قسم بما يخصه ويليق به ، حسب ما صنع ـ ابن الحاجب ـ في المستثنى.
ونحن في المقام ، وصنيعي في المقام ، ليس منشأه الرأي ، أي : رأيي ورأى غيري ، بل هذا مأخوذ من اطلاقاتهم ، واعتباراتهم ، التي اعتبروها هم انفسهم ، في كل قسم على حده.
فصنيعنا : مطابق للواقع ، وصالح من دون مدخلية رأي فيه ، وصنيع الناس : غير مطابق للواقع ، ولا صالح.
والى هذه الحكاية : يرمز ويشير بقوله : (فصح) اشكال ـ المصنف ـ وهو : (ان تفسير الفصاحة والبلاغة على هذا الوجه) الصحيح ، الذي صنعه ـ المصنف ـ مطابقا للواقع ، (مما لم يجده) المصنف : (في كلام) احد من (الناس). لأنهم لم يصنعوا كصنيعه ، حتى يصلح.
(لكنه) ، اي : ـ المصنف ـ لم يصنع صنيعه بمجرد رأيه ،