وانما نقلنا كلام المتوهم ، حتى تعرف : ان في بيان وجهة نظره مواقع للنظر.
اما اولا : فان نسبة توصيف المعنى بالبلاغة الى الادباء لا واقع له ، والشاهد على ذلك : ما يأتى من قول ـ الشيخ ـ عند قول ـ المصنف ـ : «وكثيرا ما يسمى فصاحة ـ ايضا ـ كما يسمى بلاغة» ـ اعني من قول الشيخ في آخر هذا الموضع ـ : «ومما اوقعهم في الشبهة : انه لم يسمع عاقل يقول : معنى فصيح» فتأمل جيدا.
وثانيا : ان قول المتوهم : «البلاغة اصابة المعاني الشريفة ، وافهامها بوضوح» اقرار واعتراف ، بأن البلاغة من صفات المتكلم حقيقة.
لأن الاصابة ، فعل المتكلم ، وقد قلنا آنفا : ان من قام به المبدأ ، هو الموضوف حقيقة ، وهذا واضح لا مرية فيه.
وهكذا قوله : «فكم رأينا» الى آخره.
وثالثا : ان قوله : «وكثير من الناس ، يعتبر الفصاحة والبلاغة في قعقعة الألفاظ» الى آخره.
ان كان المراد بالناس : الهمج الرعاع ، فهو حق ، لكن ليس الكلام في البلاغة عندهم.
وان كان المراد : أهل الاصطلاح ، الذين كلامنا في البلاغة عندهم ، فكلام المتوهم نفسه : قعقعة ، لا واقع له ، عند من هو عارف ومطلع على البلاغة عند أهل الاصطلاح ، والعرب العرباء.
(و) انما قال : دون المفرد ، لأنه (لم يسمع : كلمة بليغة) ولو كان مركبا تقييديا ، اذ المراد بالكلمة هاهنا : المفرد المقابل للكلام ، بقرينة المقابلة ، كما نبهناك آنفا.