وهذا الموضع ، بعيد المنال ، كثير الاشكال ، يحتاج الى لطف ذوق ، وقريحة صافية ، وفطانة قويمة ، هو شبيه : بالشيء الذي يقال : انه لا داخل العالم ، ولا خارج العالم.
فلفظه : هو الذي يستعمل ، وليس بالذي يستعمل ، يعني : ان مفردات ألفاظه ، هي المستعملة المألوفة ، ولكن سبكه وتركيبه : هو الغريب العجيب.
وليعلم : ان ليس المراد مما ذكر ، اهمال جانب المعنى ، بحيث يؤتى باللفظ الموصوف بصفات الحسن والملاحة ، ولا يكون تحته من المعنى ما يماثله ويساويه.
فانه اذا كان كذلك : كان كصورة حسنة ، بديعة في حسنها وملاحتها ، الا ان صاحبها شرس أبله ، وبليد أتفه.
بل المراد : ما يأتي من قريب ، عند قوله : «فالبلاغة راجعة الى اللفظ باعتبار افادته المعنى بالتركيب ، وحاصله : ان تكون الألفاظ جسما لمعنى شريف ، ومدلول لطيف» وسيأتي توضيحه : في الموضع المذكور ـ ان شاء الله تعالى ـ.
الركن الخامس : ان لا يخلو الكتاب من معنى من معاني القرآن الكريم ، والاخبار المنقولة عن المعصومين ، عليهم صلوات المصلين ، الذين هم معدن الفصاحة ، ومركز البلاغة.
واذا استكملت معرفة هذه الأركان الخمسة في شخص ، فذلك جدير بان يسمى : كاتبا ، او شاعرا ، والا ، فلا.
(والبلاغة ، وهي تنبىء عن الوصول والانتهاء) ، والتعبير ـ بتنبىء ـ قد تقدم وجهه في الفصاحة ، فلا نعيده.