مختلفة ، ووقايع متشتتة ، وما كان كذلك : لا يتأتى ربط بعضه ببعض.
قلنا : هذا وهم ، لأنا نسلم : انه نزلت على حسب الأحكام والوقايع على حسب الحكمة ، لكنه على وفق ما في اللوح المحفوظ ، مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف ، كما انزل جملة الى بيت الوحي ، لا سيما على القول : بأنه لم يبلغ اليه يد التحريف وتغيير الآيات مكانا ، فتأمل.
وقد قلنا مرارا : انه معجز بين اسلوبه ونظمه الباهر ، فكما ان القرآن معجز بحسب فصاحة ألفاظه ، فهو ـ ايضا ـ كذلك بحسب ترتيبه ونظمه. وشرف معانيه.
فاذا رأيت المفسرين وغيرهم ، معرضين عن بيان المناسبات بين الفواتح والخواتم ، او بين الآيات ، فليس الأمر في هذا الباب الا كما قيل :
والنجم تستصغر الأبصار صورته |
|
والذنب للطرف لا للنجم في الصغر |
والحاصل : ان المناسبة والمقاربة ، بين الجمل اولها وآخرها : أمر مهم ، مطلوب عند الفصحاء ، ومرغوب عند البلغاء.
ومرجعها في الآيات ونحوها الى معنى رابط بينها ، عام وخاص ، عقلي أو حسي أو خيالي كما يجيء تفصيل ذلك ـ في باب الفصل والوصل ـ انشاء الله تعالى ـ ان ساعدنا التوفيق.
او غير ذلك ، من انواع المناسبات ، كالسببية والمسببية ، والعلية والمعلولية ، والتضاد ، وشبهها.
وفائدتها : جعل أجزاء الكلام ، بعضها آخذا بأعناق بعض. فيقوى بذلك الارتباط ، ويصير التأليف حاله : حال البناء المحكم ، المتلائم الاجزاء.
ولذلك ، حصر بعضهم البلاغة على معرفة الفصل والوصل ، كما سيصرح بذلك عن قريب.