وجميع فواتح سور القرآن وخواتمها ، واردة على احسن الوجوه من البلاغة واكملها.
فانك اذا نظرت الى فواتحها ، وجدتها متضمنة لاشارات ، يقصر عن وصف كنهها العبارات.
واذا نظرت الى خواتمها ، وجدتها في غاية الحسن ، ونهاية الكمال لكونها : بين أدعية ، ووصايا ، ومواعظ وتحميد ، ووعد ، ووعيد ، الى غير ذلك من الخواتم ، التي لا يبقى للنفس بعدها تطلع ولا تشوق الى شيء آخر.
وكيف لا؟! وكلام الله عزوجل ، في الطرف الأعلى من البلاغة والغاية القصوى من الفصاحة ، وقد أعجز مصاقع البلغاء ، وأخرس شقاشق الفصحاء.
ولكن ادراك ذلك ، وفهم وجوه المناسبة ، يحتاج الى مزيد تأمل وكمال ذوق ، فطري او مكتسب ، من طول خدمة ـ علم البلاغة ـ وتوابعها.
ولنذكر ـ لتوضيح المرام ـ : موارد من كلام الله المجيد ، التي روعى فيها : حسن الابتداء او الانتهاء.
قال في ـ الاتقان ـ : من علم تفسير الفاتحة ، كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة ، وهي ـ على ما قيل ـ : مائة واربعة كتب ، وقد وجه ذلك : بأن العلوم التي احتوى عليها القرآن ، وقامت بها الأديان ، أربعة : علم الاصول : ومداره على معرفة الله تعالى ، وصفاته ، واليه الاشارة : (برَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
ومعرفة النبوات : واليه الاشارة : (بالَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ).