لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ) : قال ابن الأثير : لفظ (هذا) في هذا المقام : من الفصل ، الذي هو احسن من الوصل ، وهي علاقة وكيدة ، بين الخروج من كلام الى كلام آخر.
ثم قال : وذلك من «فصل الخطاب» الذي هو أحسن موقعا : من التخلص ، ومن الاقتضاب ، الذي يقرب من التخلص.
قول الكاتب والمؤلف ـ عند ارادة الانتقال ، من حديث الى حديث آخر ـ : هذا باب كذا وكذا ، فان فيه نوع ارتباط ، حيث لم يبتدىء الحديث الآخر فجأة.
ومن هذا القبيل : لفظ ـ ايضا ـ في كلام المتأخرين : من الكتاب والمؤلفين.
وثالثها : اي : ثالث المواضع ، التي ينبغي : ان يتأنق فيها الانتهاء فيجب على البليغ ، ان يختم كلامه ، شعرا كان ، او خطبة ، او رسالة ، بأحسن خاتمة ، لأنه آخر ما يعيه السمع ، ويرقسم في النفس.
فان كان مختارا حسنا ، تلقاه السمع واستلذه ، حتى جبر ما وقع فيما سبق من التقصير ، كالطعام اللذيذ ، الذي يتناول بعد الأطعمة التفهة.
وان كان بخلاف ذلك على العكس ، حتى ربما انساه المحاسن الموردة فيما سبق.
واحسنه ، اي : أحسن الانتهاء ، ما اذن بانتهاء الكلام ، حتى لم يبق للنفس تشوق الى ما ورائه.
وقد قلت عناية المتقدمين بهذا النوع ، اي : بما يؤذن بانتهاء الكلام.
واما المتأخرون : فهم يجتهدون في رعايته ، ويسمونه حسن المقطع وبراعة المقطع.