مع رعاية الملائمة بينهما ، اي : بين ما ابتدأ به الكلام ، وبين المقصود.
وانما كان التخلص من المواضع الثلاثة ، التي ينبغي للمتكلم ان يتأنق فيها ، لأن السامع ، يكون مترقبا للانتقال ـ من الافتتاح الى المقصود ـ كيف يكون؟
فاذا كان حسنا ، متلائم الطرفين ، حرك من نشاط السامع ، واعان على اصغاء ما بعده ، والا ، فبالعكس.
ثم «التخلص» قليل في كلام المتقدمين ، واكثر انتقالاتهم : من قبيل «الاقتضاب» ويأتى معناه عن قريب.
واما المتأخرون : فقد لهجوا به ، لما فيه من الحسن ، والدلالة على براعة المتكلم ، وتفوقه على اقرانه.
وقد ينتقل الى مالا يلائمه ، ويسمى الانتقال ـ حينئذ ـ : «الاقتضاب» اي : الاقتطاع ، والارتجال ، وهو : اي : الاقتضاب ، مذهب العرب الجاهلية ، والمخضرمين ، وهم الذين ادركوا الجاهلية والاسلام.
وقد يتبعهم المتأخرون ، ويجرون على مذهبهم ، وان كان الأكثر فيهم «التخلص» لما تقدم.
ومنه ، اي : من «الاقتضاب» ما يقرب من «التخلص» : في ان يشوبه شيء من الملائمة ، كقولهم ـ بعد حمد الله ، ونعت الرسول (ص) وآله ـ اما بعد ، فاعلم : انه كذا وكذا.
فهو اقتضاب ، من جهة : انه قد انتقل من حمد الله ، والثناء على الرسول وآله (ع) ، الى كلام آخر ، من غير رعاية ملائمة بينهما.
لكنه يشبه «التخلص» من جهة : انه لم يؤت بالكلام الآخر فجأة ، من غير قصد الى ارتباط وتعلق بما قبله ، بل اتى بلفظ «اما