وقول الآخر :
نزال إلى حيث المكارم تبتغى |
|
أليفا يناغيها ، أمينا يصونها |
وسيجىء (١) تفصيل الكلام على هذه الصيغة فى باب اسم الفعل ... (٢)
* * *
وملخص ما سبق فى هذا الباب :
أن فى اللغة ألفاظا لا تستعمل إلا منادى ؛ وهى أنواع ثلاثة :
(ا) نوع مقصور على السماع لا يتجاوز الحكم لفظه ونصّه إلى لفظ آخر ، وأشهر ألفاظه : أبت ـ أمّت ، (الملازمتين لتاء التأنيث) ـ اللهم ـ فل ـ فلة ـ لؤمان ـ ملأم ـ نومان.
__________________
(١) فى ص ١٣٦ م ١٤١ وكذلك يجىء فى رقم ١ من هامش ص ٢٤٧ بيان أنواعها المختلفة ومعانيها ، وحكم كل نوع من ناحية الإعراب والبناء.
(٢) ويقول ابن مالك ـ بإيجاز ـ فى نداء ما هو على وزن : «فعال» الخاص بالأنثى ، و «فعال» الخاص باسم فعل الأمر ، و «فعل» الخاص بنداء المذكر : ... واطّردا ـ ١
فى سبّ الانثى وزن : يا خباث |
|
والأمر هكذا من الثّلاثى ـ ٢ |
أى : اطرد فى سب الأنثى : «يا خباث» وما كان على وزنها. والأصل : «فعال» ، وما كان على وزنها. وهذا الوزن مطرد فى الأمر أيضا ، ومقصده اسم فعل الأمر ، ثم قال :
وشاع فى سبّ الذكور : «فعل» |
|
ولا تقس. وجرّ فى الشّعر «فل» ـ ٣ |
فهو يقرر أن نداء ما كان على وزن : «فعل» خاصا بسبب المذكر ، أمر شائع ، ومع شيوعه نهى عن القياس عليه. ومنع القياس عليه مناقض للحكم بأنه شائع ؛ إذ الشيوع فى الكلام الفصيح يبيح القياس ، كما بيناه من قبل. لهذا يكون الأخذ بالرأى المجيز أنسب مادام المعنى المراد واضحا. وختم البيت بإباحة جر «فل» فى الشعر للضرورة ؛ لأن كلمة : «فل» ، و «فلة» ملازمتان للنداء ، كما عرفنا ؛ فلا يصح جرهما إلا فى تلك الضرورة ؛ كالبيت الذى يرددونه :
تضلّ منه إبلى بالهوجل |
|
فى لجّة أمسك فلانا عن فل |
(الهوجل هنا : الصحراء التى لا أعلام فيها. اللجة ـ بفتح اللام ـ : الأصوات المختلطة).
والبيت متصل بما قبله فى وصف الإبل المتزاحمة فى الصحراء مثيرة للغبار ، يدفع بعضها بعضا. وقد شبهها بقوم فى لجة ـ وهى اختلاط الأصوات فى الحرب. ـ يدفع بعضهم بعضا ؛ فيقال : أمسك فلانا عن فل ، أى : احجز بينهما .. ويقول بعض النحاة إن «فل» الواردة فى البيت ليست المختصة بالنداء ، وإنما هى اختصار لكلمة «فلان» التى تكون منادى وغير منادى ؛ فلا شاهد فى البيت. ويرى غبرهم العكس ولا قيمة لهذا الجدل ، لوضوح الرأى القائل بأنها ليست منادى.