المسألة ١٨١ :
الإعلال والإبدال (١)
من المصطلحات اللغوية الشائعة أربعة ألفاظ ؛ لكل منها مدلوله الخاص ، وضوابطه وأحكامه. وهذه الأربعة هى : الإعلال ـ القلب ـ الإبدال ـ العوض. وفيما يلى البيان :
١ ـ الإعلال ، والمراد به : تغيير يطرأ على أحد أحرف العلة الثلاثة (و ـ ا ـ ى) وما يلحق بها ـ وهو : الهمزة ـ بحيث يؤدى هذا التغيير إلى حذف الحرف ، أو تسكينه ، أو قلبه حرفا آخر من الأربعة ، مع جريانه فى كل ما سبق على قواعد ثابتة ، يجب مراعاتها. ومن الأمثلة : صوغ اسم المفعول من الفعل.
__________________
(١) ملاحظة هامة : أحكام هذا الباب وضوابطه كثيرة. والإلمام بها عظيم النفع ، جليل الفائدة ؛ شأن نظائرها من القوانين العامة المطردة. غير أن الضوابط والأحكام هنا لا تنطبق على لغات ولهجات عربية قديمة متعددة ، حمل السماع الصحيح إلينا كثيرا من ألفاظها الخارجة على تلك القوانين ، وليس هذا بعجيب فى لغة كلغتنا كانت أداة تفاهم بين قبائل متباعدة ، وجماعات متباينة فى كثير من الشئون التى تؤدى إلى اختلاف فى اللهجات محتوم. وليس هذا الاختلاف مقصورا على مسائل الإعلال والإبدال ، ولكنه أظهر وأوضح فيها ، وفى بعض مسائل أخرى عرضنا لها فى أبوابها الخاصة ؛ كالتكسير ، وأبنية المصادر ، والصفات المشبهة ... وواجب الحرص على لغتنا ، والعمل على أن تكون أداة قوية ناهضة بمهمتها فى البيان الجلى ، والتوحيد اللغوى الهام ـ يقتضينا أن نأخذ بالمطرد ، ونقيس عليه وحده ، من غير توقف ولا تردد ، ومن غير سعى ـ فى المراجع والمطولات ـ وراء المسموع لننتزعه من مخابئه ، ونستعمله على الوجه الوارد به ، دون الانتفاع بالمطرد ، وبالقياس عليه ، فإن السعى وراء المسموع للاعتماد عليه وحده فى الاستعمال ، دون أخذ ما يقتضيه القياس المطرد ـ عبث وخطة عرجاء ، بل فاسدة ؛ يقصر الجهد والوقت دون العمل بها. ويتعذر اليوم تطبيقها ، والنجاح فيها. فليس من الخير الانصياع لها.إنما الخير كله فى الأخذ بالرأى الحكيم النافع الذى ينادى باستخدام القاعدة ، ما دامت قاعدة ، وبتعميمها ، سواء أعرف المتكلم الحكم السماعى المخالف لها أم لم يعرفه ـ وما أكثر الذين لا يعرفونه ـ وتكليفهم معرفته دائما تكليف بما لا يستطاع. لكن إذا عرف المتكلم الأمر السماعى المخالف للقاعدة المطردة جاز أن يكتفى به ، ويقتصر عليه مع تركه القاعدة ، وجاز أن يستخدم القاعدة إن شاء ، ولكن ليس له أن يتوسع فى المسموع المخالف للقاعدة فيطبقه فى ألفاظ أخرى غير التى ورد السماع بها ، بل يجب أن يقف عند ما ورد السماع به ، دون أن يزيد عليه ، ما دامت القاعدة المطردة موجودة ، والحكم العام قائما. وبغير هذا نسىء إلى لغتنا ، ونحمل الراغبين فيها على النفور منها ، وننسى أو نجهل الأساس الذى الذى قام عليه الإطراد والقياس ، ونقضى على الحكمة منهما. وقد كررنا هذا فى أجزاء الكتاب المختلفة ، لمناسبات تدعو إلى التكرار ؛ لأهمية الأمر ، وجلال شأنه ، وسردنا أدلة الأئمة المعارضين والموافقين ، وانتهينا فى الترجيح بينهما إلى الرأى السالف المدون فى مواطن مناسبة ولا سيما الجزء الثالث ـ باب أبنية المصادر ـ م ٩٨ ـ.