ومن الجائز أن تحذف «أل» من أوله ، ويكثر هذا فى الشعر ، كقول القائل :
لاهمّ إنّ العبد يم |
|
نع رحله ؛ فامنع رحالك |
وقول الآخر (١) :
لاهمّ هب لى بيانا أستعين به |
|
على قضاء حقوق نام قاضيها |
فتكون كلمة : «لاه» هى المنادى المبنى على الضم (٢) ...
ولا مانع أن يجىء بعد : «اللهم» صفة له ؛ كقوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ...) ويمنع هذا بعض النحاة ؛ بحجة أن الأسماء الملازمة للنداء (ومنها : اللهمّ) ليست فى حاجة إلى الفائدة التى يحققها النعت لغيرها ، ويعرب الصفة إعرابا آخر ؛ ـ كأن تكون نداء مستأنفا فى الآية السالفة ـ. والأنسب الأخذ بالإباحة (٣) ...
(الثانية) : المنادى المشبّه به ؛ بشرط أن يذكر معه وجه الشبه ؛ كقولك لمغنّ : يا البلبل ترنيما وتغريدا أطربنا ـ يا الشافعى فقها وصلاحا سر على نهجه ـ يا المأمون ذكاء وبراعة أحسن محاكاته ، أى : يا مثل البلبل ...
__________________
(١) هو : حافظ إبراهيم ، فى مطلع قصيدته المشهورة بالعمرية ، فى سيرة عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه.
(٢) أما «لاه» التى تتردد فى النصوص القديمة كالتى فى قول الشاعر :
لاه ابن عمك لا أفضلت فى حسب |
|
عنى ، ولا أنت ديّانى ؛ فتخزونى ... |
فأصلها «لله» حذفت من أولها لام الجر.
(٣) هذا ، وتستعمل صيغة : «الّلهم» فى النداء الحقيقى على الوجه السالف. وقد تستعمل قبل حرف من أحرف الجواب ؛ لتفيد الجواب تقوية وتمكينا فى نفس السامع ، وتأكيدا لمضمونه ؛ كأن يسأل سائل : أصحيح أن زكاة المال تقى صاحبها عوادى الأيام؟ فتجيب : اللهم ، نعم. ومثل : أيخشى الحازم ركوب الأهوال لإدراك نبيل الأغراض؟ فتجيب : اللهم ، لا. فكأنك تقول : والله ، نعم ، أو والله ، لا ، وقد تستعمل لإفادة الندرة ، والدلالة على قلة الشىء أو بعد وقوعه وتحققه ، كأن يقال : سأسافر لزيارة أخى. اللهم إذا أبى أن يجىء ، وسأحدثه فى شئوننا الهامة ، اللهم إذا لم يغضب. فمن النادر أو المستبعد أن يأبى الأخ زيارة أخيه ، أو الحديث معه. وتعرب فى الصورتين الأخيرتين ـ فى الرأى الأنسب ـ كما تعرب فى النداء الحقيقى. ولكن يزاد عند إعرابها : أن النداء غير حقيقى ، وأنه خرج عن معناه الأصلى إلى معنى آخر ؛ هو : تقوية الجواب وتمكينه وتأكيد مضمونه. أو إفادة الندرة والبعد ...