ومن عطف شبه الجملة على المفرد قولهم : لا يصح مخالفة القاعدة المطردة إلا شذوذا أو فى ضرورة (١).
(٧) هناك نوع من العطف ، يرتضيه بعض النحاة ، ويسميه : «العطف على التوهم». ومن أوضح أمثلته عندهم ـ العطف «بفاء السببية» على معطوف مأخوذ من مضمون الجملة التى قبلها. ذلك أن «فاء السببية» تقتضى عطف المصدر المؤول بعدها على مصدر صريح قبلها ، وهذا المصدر الصريح قد يكون مذكورا صراحة قبلها ؛ نحو : ما الشجاعة تهورا فتهمل الحذر ، وقد يكون غير مذكور فيتصيد ؛ نحو : ما أنت مسىء فنسىء إليك. أى : ما تكون منك إساءة يترتب عليها أن نسىء لك.
فإن لم يوجد قبل فاء السببية مصدر صريح ولا ما يصلح أن يتصيد منه المصدر ـ (الجملة الاسمية التى يكون فيها الخبر جامدا ؛ نحو : ما أنت عمر فنهابك) ـ فبعض النحاة يمنع نصب المضارع ، وبعض آخر يجيز تصيد مصدر من مضمون الجملة السابقة التى فيها الخبر جامدا ؛ ويكون الكلام عطف جملة على جملة ، ومن لازم معناها ؛ كأن يقال فى المثال السالف : ما يثبت كونك عمر ، فهيبتنا إياك (٢) ...
(٨) يقول النحاة : إن «المغايرة» هى الأصل الغالب فى عطف النسق بين المتعاطفين. يريدون : أن يكون المعطوف مغايرا المعطوف عليه فى لفظه وفى معناه معا ؛ فلا يعطف الشىء على نفسه. هذا هو الأصل الغالب ، لكن العرب قد
__________________
(١) جاء فى التوضيح (لابن هشام ، آخر باب : «الإدغام» ، نهاية الجزء الثانى) ما نصه : (قد يفك الإدغام فى ذلك شذوذا ... أو فى ضرورة ..) ا ه وهنا جاء فى الحاشية على التصريح ما نصه : (يمكن أن يكون قوله : «فى ضرورة» معطوفا على : «شذوذا» على تقدير الحالية أيضا ، والتقدير : وقد يفك الإدغام فى غير ذلك ، حالة كون ذلك شاذا ، أو كائنا فى ضرورة. وقال الدنوشرى : (قوله : «فى ضرورة» ـ معطوف على قوله : «شذوذا». وينظر أهذا العطف صحيح أولا؟ ا ه والظاهر الصحة وهو عطف على المعنى ؛ لأن قوله : «شذوذا» فى معنى : «فى شذوذ» ا ه المنقول عن الحاشية
(٢) لهذا إشارة فى ج ١ ص ٥٥٢ م ٤٩ أما الإيضاح الكامل ففى مكانه الأنسب وهو الكلام على : «فاء السببية» من باب : «إعراب الفعل» ونواصب المضارع ـ ج ٤ ص ٣٣٧ م ١٤٩ ـ.