كل واشرب ، والبس ، فى غير مخيلة (١) ولاكبر (٢) ...
ومثال اختلاف الزمن : وصل اليوم الغائب ويسافر غدا ـ يحاسب المرء على عمله يوم الحساب ، ورأى المسىء عاقبة ما كان منه.
أما الجملة الفعلية الأمريّة (٣) ـ أو غيرها من الجمل الإنشائية الأخرى ـ فلا تعطف إلّا على جملة فعلية متّحدة معها فى الزمن ، نحو قوله تعالى للصائمين : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)، وقوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ...)
وبهذه المناسبة نذكر أن النحاة اختلفوا فى جواز عطف الجملتين المختلفتين إنشاء وخبرا ، وعطف الجملة الاسمية على الفعلية والعكس.
فأما عطف المختلفتين إنشاء وخبرا فالأحسن اتباع الرأى الذى يمنعه (٤) : لوضوح هذا الرأى ، وبعده من التكلف ، وخلوه من الحذف والتقدير :
__________________
(١) اختيال ، وكبر.
(٢) وقول الشاعر :
إذا ما فعلت الخير فاجعله خالصا |
|
لربك ، وازجر عن مديحك ألسنا |
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ، وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ، وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ ، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.) ومثل قول الشاعر : ـ وهذا من عطف الجملة ـ الأمرية على المضارعية التى توافقها زمنا ـ :
لا تنظرنّ لملبس ، وانظر إلى |
|
ما تحته من فطنة وبيان |
(٣) لابد فى فاعل فعل الأمر أن يكون ضميرا متصلا ـ مستترا ، أو بارزا ـ ، فلا يمكن فى الرأى الأصح ـ أن يستقل بنفسه عن فعله. لهذا لا يصح عطف فعل الأمر وحده بغير فاعله ، على فعل الأمر وحده بغير فاعله ؛ بل يتعين أن يكون العطف بينهما عطف جملة فعلية أمرية على جملة فعلية أمرية ؛ ومنه قوله تعالى : (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا ، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا ، وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) وقوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ ..) وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ..) طبقا للبيان السابق فى رقم ٢ من هامش ص ٦٤٣ ورقم ١ من هامش من ص ٦٤٩ ـ
(٤) وهو رأى البلاغيين وكثير من النحاة.