زيادة وتفصيل :
ما إعراب الفعل إذا عطف على اسم يشبهه؟ كالفعل : «أثار» المعطوف على «المغيرات» فى : الآية السابقة ، وهى قوله تعالى : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً ، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً)، وكالفعل : أقرض فى قوله تعالى فى الآية الأخرى : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ ، وَأَقْرَضُوا اللهَ ...) فإنه معطوف على المصّدّقين.
وكذلك ما إعراب الاسم الذى يشبه الفعل إذا كان معطوفا على الفعل كالأمثلة التى عرضناها هناك (١)؟
لم أجد رأيا صريحا شافيا فى هذا ، ورأيت اعتراضات كثيرة ، ودفاعا لم تنته إلى حكم حاسم. ومن هذه الاعتراضات : كيف يعطف الفعل «أثار» على : «المغيرات» والمعطوف عليه مجرور مع أن المعطوف فعل ، والفعل لا يدخله الجر؟ وقد سبق (٢) أن أول الآيات هو : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً ، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً ، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً ...).
قال الفخر الرازى فى تفسيره : إن الفعل هنا معطوف على فعل محذوف حلّ محله فى معناه الاسم المشتق من مصدره ، والأصل : فأغرن صبحا فأثرن نقعا ....
وهذه الإجابة تخرج المسألة من وضعها الأصلى وتنقلها إلى وضع آخر لا علاقة لنا به ، إذ تجعلها عطف فعل على فعل أو مشتق على مشتق. وهذا غير موضوع البحث ... ولو أخذنا به لكان حسنا ، وناجحا فى التغلب على كل اعتراض ، وخاليا من العيب. ورأيت مثله فى تفسير الزمخشرى ، وفى بعض الحواشى الأخرى.
أما إذا لم نأخذ به ، وتمسّكنا بذلك النوع من العطف الذى لم أجد لحكمه نصّا واضحا صريحا يتناول المتعاطفين تفصيلا ... ـ فإن الغموض يظل باقيا والاعتراضات قائمة ، ما لم نجعل المعطوف غير تابع للمعطوف عليه فى الإعراب ، وتكون فائدة العطف هى الربط المجرد بين معنى الجملتين ؛ كالذى سبق فى عطف الماضى على المضارع وعكسه ـ بالإيضاح الذى سلف (٣).
__________________
(١) فى ص ٦٤٩ و٦٥٠ وهامشهما.
(٢) فى رقم ٣ هامش ص ٦٤٩ وهناك بيان السبب فى العطف على : «المغيرات».
(٣) فى ص ٦٤٢ و٦٤٣.