وفاعله. والتقدير : اسكن أنت ، وليسكن زوجك (١). والسبب فى هذا أننا لو أعربنا كلمة : «زوج» معطوفة بالواو على الفاعل المستتر لفعل الأمر لكان العامل فى المعطوف (زوج) هو العامل فى المعطوف عليه ، أى : فى الفاعل المستتر. فيكون الفعل : «اسكن» عاملا فى فاعله ، وفى كلمة : «زوج» ، فهو الذى رفع كلمة «زوج» وهى بمنزلة الفاعل بسبب عطفها على الفاعل ويترتب على هذا أن يكون فاعل الأمر اسما ظاهرا مع أن فعل الأمر لا يرفع الظاهر.
هذا تعليلهم. وهو تعليل مرفوض ، يعارضه ما يرددونه كثيرا من أنه : «قد يغتفر فى التابع مالا يغتفر فى المتبوع» ، أو : «قد يغتفر فى الثوانى مالا يغتفر فى الأوائل». فإذا امتنع أن يقع الاسم الظاهر فاعلا لفعل الأمر مباشرة فلن يمتنع أن يكون المعطوف على هذا الفاعل اسما ظاهرا ، لأنه تابع أو ثان ينطبق عليه ما سبق من التوسع والتيسير ؛ فلا داعى للتكلف والتقدير ...
ومثال المعمول المنصوب قوله تعالى فى أنصار الدّين (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ ...) ، ومعنى تبوّءوا الدار أعدّوها للسكنى. وهذا المعنى مناسب للدار ؛ لكنه غير مناسب للإيمان ، إذ لا يقال على سبيل الحقيقة : هيئوا الإيمان للسكنى ؛ ومن ثم أعربت كلمة : «الإيمان» مفعول لفعل محذوف تقديره : «ألفوا» وهذه الجملة الفعلية المحذوفة معطوفة بالواو على الجملة الفعلية التى قبلها. ومنه قول الشاعر :
إذا ما الغانيات برزن يوما |
|
وزجّجن الحواجب والعيونا |
أى : وكحلن العيون ؛ لأن التزجيج (وهو ترقيق الحاجب بأخذ بعض الشعر منه كى يصير منحنيا كالقوس) لا يصلح للعيون.
ومثال المعمول المجرور قولهم : ما كلّ سوداء فحمة ، ولا بيضاء شحمة. فكلمة : «بيضاء» مجرورة بمضاف محذوف معطوف على «كلّ» ، والأصل «ولا كلّ بيضاء شحمة». والداعى للتقدير هنا هو الفرار من العطف على معمولى عاملين مختلفين.
__________________
(١) قد سبق (فى رقم ٣ من هامش ص ٥٦٤) إعراب آخر لبعض النحاة ، بمقتضاه تكون ... «زوجك» معطوفة على الضمير المستتر الفاعل. وأنه لا يصح إعرابه بدلا من الفاعل المستتر ، وتجىء له مناسبة فى ص ٦٥٧.