أثران معنويان لا صلة للإضافة غير المحضة بجلبهما للمضاف ، وعلى هذا لا نصيب لها من التأثير المعنوى الذى «للمحضة».
والدليل على أنها لا تفيد «المضاف» تعريفا ـ دخول «ربّ» عليه مع إضافته للمعرفة (١). مثل : (ربّ مخرج الزكاة ، مسرور بإخراجها ـ قد أبطل ثوابها بالمنّ والأذى). فلو أن المضاف ـ وهو : مخرج ـ اكتسب التعريف من المضاف إليه ما دخلت عليه «ربّ» ؛ لأنها لا تدخل إلا على النكرات (٢).
وشىء آخر ؛ هو أن هذا المضاف إلى المعرفة يصح أن يقع نعتا للنكرة ، فكيف يقع نعتا للنكرة إذا صحّ أنه يكتسب من المضاف إليه التعريف ويصير معرفة ، والمعرفة لا تكون نعتا للنكرة (٣)؟ ومن الأمثلة لوقوعه نعتا للنكرة : أتخير للصداقة زميلا مخلص المودة ، مأمون العثرات. باذل الجهد فى الإخاء (٤).
كما أن الدليل على أنها لا تفيد المضاف تخصيصا هو أن الأصل قبل
__________________
ـ لأن الوصف شبيه بالفعل ؛ يعمل عمله ، من الرفع أو النصب ، والفعل لا يعمل الجر. فكذا ما يشبهه ؛ بخلاف المحضة فهى لازمة لأداء المعنى المراد ، ولا سبيل للمحافظة عليه إلا بتغيير يتناول الأسلوب فى كلماته ، أو فى ترتيبها ، أو فيهما معا.
(١) ومن الأدلة أيضا وقوع المضاف لمعرفة حالا فى الإضافة غير المحضة ـ مع أن الحال المطردة لا تكون إلا نكرة ـ كقول المتنبى بلسان عجوز وفىّ :
خلقت ألوفا ؛ لو رجعت إلى الصّبا |
|
لفارقت شيبى موجع القلب باكيا |
(٢) سبق تفصيل الكلام عليها فى ج ٢ ص ٣٨١ م ٩٠. وبعض الأمثلة المأثورة يجىء هنا فى هامش ص ٣٥.
(٣) ومثلها الاسم النكرة الذى دخله التخصيص فإنه لا يقع نعتا للمعرفة فى الصحيح.
إلا مسالة يصح أن يقع فيها المشتق الذى إضافته غير محضة ، وكذلك غيره من النكرات ، نعتا للمعرفة ، هى أن يكون المنعوت منادى ، نكرة مقصودة ، ونعتها نكرة (كالوصف المضاف إضافة غير محضة ...) نحو : يا ساكت مستمع الخطيب الآن ، أو المستمع الخطيب الآن. فالمشتق نعت ونكرة ، مع أن المنعوت نكرة مقصودة معرفة بالقصد والنداء. فاختلف النعت والمنعوت تعريفا وتنكيرا ، وقد قالوا : إن هذا الاختلاف فى المسألة السالفة مقبول ، لأن تعريف النكرة المقصودة تعريف غير أصيل ، فهو طارئ ، والتعريف الطارئ الذى كتعريفها يتسامح فيه ، فتوصف بالمعرفة أو بالنكرة ، ولا يصح هذا فى غيرها من المعارف ـ (راجع التصريح ج ٢ باب النداء عند الكلام على القسم الثانى ، وكذا الخضرى والصبان ، باب : تابع المنادى. وستجىء لهذا إشارة فى باب النعت هنا. ـ ص ٥٥٠ ـ وفى ج ٤ باب حكم تابع المنادى م ١٣٠ رقم ٨ من هامش ص ٤٢).
(٤) فى باب النعت ـ أمثلة مأثورة. عند الكلام على النعت بالمشتق ـ ب ص ٤٦٥ ـ