الفتيات (١) ... إلا على لغة تزيد هذه الحروف مع وجود الفاعل الظاهر بعدها. وهى لغة فصيحة (٢) ، ولكنها لم تبلغ من درجة الشيوع والجرى على ألسنة الفصحاء ما بلغته الأولى التى يحسن الاكتفاء بها اليوم ، والاقتصار عليها ؛ إيثارا للأشهر ، وتوحيدا للبيان.
ومثل الفعل فى الحكم السابق ما يشبهه فى العمل ، فلا يقال فى اللغة الشائعة : هل المتكلمان غريبان؟ هل المتكلمون غريبون ، بإعراب كلمتى : «غريبان» و «غريبون» فاعلا للوصف ، ويجوز على اللغة الأخرى (٣).
__________________
(١) لا يقال هذا ولو كانت التثنية والجمع من طريق التفريق والعطف بالواو ؛ مثل : طلعا الشمس والقمر ... ـ حضروا محمود ، وصالح ، وحامد .. ـ تعلمن فاطمة ، ومية ، وبثينة ... (٢) لأن الوارد المسموع بها كثير فى ذاته ، وإن كان قليلا بالنسبة للوارد من اللغة الأخرى ولا معنى لما يتكلفه بعض النحاة من تأويل ذلك الوارد المشتمل على علامة التثنية أو الجمع مع وجود الفاعل الظاهر بعد تلك العلامة ؛ قاصدا بالتأويل إدخال تلك الأمثلة تحت حكم المنع الذى يمنع اجتماع الأمرين فى جملة فعلية واحدة ؛ فهذا خطأ منهم إذ المقرر أنه لا يصح إخضاع لغة قبيلة للغة أخرى ما دامت كلتاهما عربية صحيحة. ويستدل الذين يجيزون الجمع بين الأمرين بأمثلة كثيرة : منها قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ..) وقوله تعالى : (عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ.) بإعراب كلمة : «الذين» وكلمة «كثير» هى «الفاعل وواو حرف محض ؛ للدلالة على الجمع». وعليها قول الشاعر :
جاد بالأموال حتى |
|
حسبوه الناس حمقا |
وقول الآخر :
لو يرزقون الناس حسب عقولهم |
|
ألفيت أكثر من ترى يتكفّف |
ولا داعى لإعراب الواو فاعلا ، مع إعراب الاسم الظاهر بدلا أو غيره من ضروب التأويل.
(٣) لعل الأخذ باللغة الأخرى التى تزيد هذه الحروف أحسن فى حالة الوصف ؛ لأنه أيسر وأوضح ـ كما سبق أن قلنا فى باب المبتدأ والخبر عند الكلام على الوصف ـ ح ١ ص ٣٣٠ م ٣٤ ـ.
وفى الحكم الرابع يقول ابن مالك :
وجرّد الفعل إذا ما أسندا |
|
لاثنين ، أو جمع ؛ كفاز الشّهدا |
وقد يقال : سعدا وسعدوا |
|
والفعل للظاهر بعد مسند |
يقول : لا تلحق بآخر الفعل الذى فاعله مثنى أو جمع ـ علامة تثنية أو جمع. وساق مثلا لذلك : «فاز الشهداء» فالفاعل جمع تكسير للرجال ، وفعله مجرد من علامة جمع الرجال ؛ فلم يقل : فازوا ـ