(ب) ليست : «حاشا» مقصورة على الاستثناء ؛ وإنما هى ثلاثة أنواع : أولها : الاستثنائية ؛ وهى فعل ماض جامد ، وقد سبق ما يختص بها (١).
وثانيها : أن تكون. فعلا ماضيا متعديا متصرفا ؛ بمعنى : «استثنى» ، مثل : (حاشيت مال غيرى أن تمتد له يدى ـ حين نتخير موضوعات الكلام نحاشى الموضوعات الضارّة ـ إذا دعوت لحفل فحاش من لا يحسن أدب الاجتماع) (٢).
ثالثها : أن تكون للتنزيه وحده (٣) أى : للدلالة على تنزيه ما بعدها من العيب (٤) وهى اسم مرادف لكلمة : «تنزيه» التى هى مصدر : نزّه. وتنصب على اعتبارها مصدرا قائما مقام فعل من معناه ، محذوف وجوبا ، ويغنى هذا المصدر عن النطق بفعله المحذوف (٥) ؛ نحو : حاشا لله ، أى : تنزيها لله من أن يقترب منه السوء. فكلمة : «حاشا» ـ بالتنوين ـ مفعول مطلق ، منصوب بالفعل المحذوف ـ وجوبا ، الذى من معناه ، وتقديره : «أنزه». والجار والمجرور متعلقان بها. ويصح أن يقال فيها : حاش لله ، بغير تنوين ؛ فتكون «حاش» مفعولا مطلقا ، ولكنه مضاف ، واللام بعده زائدة (٦) ، وكلمة «الله» مضاف إليه مجرور ، كما يصح أن يقال فيها : حاش الله ، بغير اللام الزائدة بين المضاف والمضاف إليه.
__________________
(١) فى ص ٣٢٩.
(٢) إذا كانت فعلا ماضيا متصرفا كهذا النوع ، فإن ألفها الأخيرة تكتب ياء ، هكذا : «حاشى». بخلافها فى النوعين الآخرين ؛ فتكتب ألفا.
(٣) أى : التنزيه الخالص الذى لا يشوبه معنى آخر ؛ كالاستثناء أو غيره ، ذلك أن «حاشا» الاستثنائية والمتصرفة ـ لا تخلوان من تنزيه ؛ ولكنه مختلط بمعنى آخر.
(٤) وهذا يشمل ما يكثر الآن حين يريدون تنزيه شخص من العيب ، فيبتدئون بتنزيه الله تعالى : ثم ينزهون من أرادوا. يريدون أن الله منزه عن ألا يطهر ذلك الشخص من العيب.
(٥) سبق فى باب المفعول المطلق تفصيل الكلام على المصدر القائم بدلا من التلفظ بفعله ص ٢٠٧ ، وفى ص ٢٢٢ إشارة إليها.
(٦) كزيادتها فى قوله تعالى : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ.) ولهذا قال بعض النحاة إن «حاش» اسم فعل بمعنى : برئ. أو تنزه. فتكون اسم فعل ماض مبنى على الفتح ، واللام بعدها زائدة و «الله» مجرور باللام الزائدة فى محل رفع ، فاعل اسم الفعل.