وضبط المستثنى بغير على حسب ما تقتضيه الحالة الجديدة بسبب : «إلا» ، ثم نضبط تابعه بمثل حركته الجديدة ، ففى المثال السابق : قدمت المنح للفائزين غير محمود ـ يصير : قدمت المنح للفائزين إلا محمودا ، فصار المستثنى منصوبا مع «إلا» بعد أن كان مجرورا مع الأداة : «غير» ، فيصح فى تابعه أن يكون منصوبا مع «غير» أيضا على تخيل «إلا» المقدرة والملحوظة ، وأن المستثنى بها ـ على فرض وجودها فى الكلام ـ منصوب ؛ فنقول : غير محمود ، وحسن أو : غير محمود وحسنا ؛ بافتراض أن كلمة : «محمود» مجرورة فى ظاهرها ؛ لأنها مستثنى للأداة «غير» ، ومنصوبة فى التقدير والتوهم ؛ لأنها مستثنى للأداة: «إلا» المقدرة ، ولهذا يصح النصب والجر فى كلمة : «ضرب» من قول الشاعر :
ليس بينى وبين قيس عتاب |
|
غير طعن الكلى ، وضرب الرقاب |
ومثل : ما جاء الفائزون غير محمود وحسن ، أو : حسنا ، أو : حسن ؛ لأننا لو وضعنا الأداة «إلا» مكان الأداة «غير» لجاز فى المستثنى ، الذى كان مجرورا بعد «غير» أمران بعد مجىء «إلا» هما النصب على الاستثناء ، والرفع على البدلية ، هكذا : ما جاء الفائزون إلا محمودا ـ أو محمود ، فيجوز فى تابعه الأمران : النصب والرفع ؛ وهذا يجرى أيضا فى تابع المستثنى بكلمة : «غير» التى تجىء فى مكان : «إلا» فيجوز فيه الأمران زيادة على جرّه. ومعنى هذا أن كلمة «حسن» وهى المعطوفة فى المثال السالف ، يجوز فيها الجر ، والنصب ، والرفع.
والنحاة يسمون الضبط الناشئ من التخيل السالف : «الإعراب على التوهم» (١) أو : «على المحل» وهو مقصور ـ فى باب الاستثناء ـ على المستثنى «بغير» وأخواتها الأسماء. ولا يجوز فى غيرها. ومع جوازه المشار إليه يحسن البعد عنه ، وعن التوهم عامة ؛ حرصا على أهم خصائص اللغة ، وتمسكا بسلامة البيان.
__________________
(١) انظر البيان فى رقم ٤ من هامش ص ٤٠١ وله إشارة فى ص ٤٩٣.