ولمّا قَتَل أمير المؤمنين عليهالسلام أبا جَرْوَل وخُذِلَ القومُ لقتله ، وَضَع المسلمون سيوفهم فيهم ، وأميرُ المؤمنين عليهالسلام يَقْدُمهم حتّى قتل أربعين رجلاً من القوم ، ثمّ كانت الهزيمة والأَسْر حينئذٍ ، وكان أبو سفيان صَخْر بن حَرْب بن اُميّة في هذه الغَزاة ، فانهزم في جُملة من انهزم من المسلمين.
فرُوِي عن معاوية بن أبي سفيان أنّه قال : لَقيت أبي منهزماً مع بني أبيه من أهل مكّة ، فصِحْت به : يا بن حرب واللّه ما صبرتَ مع ابن عمِّك ، ولا قاتلتَ عن دينك ، ولا كَفَفْتَ هؤلاء الأَعرابَ عن حريمك. فقال : مَنْ أنت؟ فقلت : معاوية ، قال : ابن هِند؟ قلت : نعم. قال : بأبي أنت واُمي ، ثمَّ وَقَف فاجتمع معه أناسٌ من أهل مكّة ، وانضممتُ إليهم ثمّ حَمَلنْا على القوم فضَعْضَعْناهم ، وما زال المسلمون يَقْتلُون المشركين ويَأسرون منهم حتّى ارتفع النهار ، فأمر رسولُ الله صلىاللهعليهوآله بالكَفّ عنه ونادى : أنْ لا يُقْتَلَ أسيرٌ من القوم.
وكانت ئذَيْلٌ بَعَثَتْ رجلاً يقال له ابنُ الأكْوَع (١) أيامَ الفتح عيناً على النبي عليهالسلام حتّى عَلِمَ عِلْمه ، فجاء إلى هُذَيْل بخَبَره فاُسِر يوم حُنَين ، فمرّ به عُمَر بن الخطاب ، فلمّا رآه أَقْبَلَ على رجل من الأنصار وقال : عَدوّ اللّه الذي كان عَيْناً علينا ، ها هو أسيرٌ فاقتُلْه ، فضَرَب الأنصاريُ عنقَه ، وبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوآله فكَرِهَهُ وقال : « ألم آمرُكم ألاّ تَقْتلوا أسيراً! ».
ــــــــــــــــــ
(١) في « ش » وهامش « م » : ابن الأنوع.