محالا عقليّا ، وإن أراد أنّ العادة جرت (١) بتحقّق المشروط الذي هو الرّؤية عند حصول هذه الشّرائط ، ومحال عادة أن تتحقّق الرؤية بدون هذه الشرائط مع جوازه عقلا ، فلا نزاع للأشاعرة في هذا ، بل غرضهم إثبات جواز الرّؤية عقلا عند فقدان الشّرائط ، ومن ثمّة تراهم يقولون إنّ الرّؤية أمر يخلقه الله في الحيّ ، ولا يشترط بضوء ولا مقابلة ، ولا غيرهما من الشرائط التي اعتبرها الفلاسفة ، وغرضهم من نفي الشرطيّة ما ذكرنا ، لا أنّهم يمنعون جريان العادة ، على أنّ تحقّق الرّؤية إنّما يكون عند تحقّق هذه الشّرائط ، ومن تتبّع قواعدهم علم أنّهم يحيلون كلّ شيء إلى إرادة الفاعل المختار وعموم قدرته ، ولا يعتبرون في خلق الأشياء توقّفه على الأسباب الطبيعيّة كالفلاسفة ، ومن يلحس (٢) فضلاتهم كالمعتزلة ومن تابعهم ، فحاصل كلامهم : إنّ الله تعالى قادر على أن يخلق الرّؤية في حىّ مع فقدان هذه الشّرائط وإن كان هذا خرقا للعادة ، فأين هذا من السّفسطة وإنكار المحسوسات والمكابرة التي نسب هذا الرّجل إليهم؟! وسيأتي عليك باقي التّحقيقات «انتهى كلام النّاصب».
أقول : فيه نظر من وجوه ، اما أولا فلأنّ حاصل كلام المصنّف «قدّس سره» في هذا المقام دعوى البداهة ، ومرجع ردّ النّاصب المطرود وترديده المردود منع البداهة ، وهو مكابرة لا يشكّ فيها عاقل ، كما قال المصنّف ، وكثيرا ما يجاب عن مثل هذا المنع بأنّه مكابرة لا يستحقّ الجواب أو لا يلتفت إليها ، كما
__________________
(١) في بعض النسخ : ان في العادة جرى تحقق المشروط.
(٢) لا تخفى عليك ركاكة كلمات هذا العنيد وبذاءة لسانه في المسائل العلمية التي يدور البحث عليها بين الاعلام! ومع هذا يبرئ نفسه من العناد والتعصب ، وينسب نفسه الى مهيع الإنصاف وبراءتها من الاعتساف!.