المصنّف أراد بالإنكار المذكور منع الاعتماد على القضايا المذكورة حتّى يتجه أنّ هذا مذهب جماعة من العقلاء غير الأشاعرة ، فإنّ الأشاعرة لم يعلّلوا إنكارهم للقضايا المحسوسة بشيء أصلا ، ولهذا نسبوا إلى المكابرة ، الثاني أنّ المذكور في شرح المواقف أنّ ذلك ينسب إلى جماعة من العقلاء ، وفيه إشارة إلى بطلان تلك النّسبة فحكم هذا النّاصب الجارح بأنّ هذا مذهب جماعة من العقلاء تمويه صريح وتدليس قد ارتكبه لدفع الاستبعاد عمّا وقع من أصحابه الأشاعرة قريبا من هذه المكابرة ، الثالث أنّ ما دلّ عليه كلامه من أنّ الأشاعرة ذكروا مذهب تلك الجماعة من
__________________
على أن روح الإنسان ليست فيه ولا خارجة عنه ، وزعموا أن هذا أصح المذهب في الروح وما أقاموا من الشبه على أن الإنسان إذا انتقل من مكان الى مكان لم يمر على تلك الاجزاء التي من مبدإ حركته ونهايتها ولا قطعها ولا حاذاها ، وهي مسألة طفرة النظام وأضعاف أضعاف ذلك ، وهاهنا طائفة من الملاحدة الاتحادية كلهم يقولون : ان ذات الخالق هي عين ذات المخلوق ولا فرق بينهما البتة ، وان الاثنين واحد ، وانما الحس والوهم يغلط في التعدد ويقيمون على ذلك شبها كثيرة ، وقد نظمها ابن الفارض في قصيدته وذكرها صاحب الفتوحات في فصوصه (خ ل فتوحه) وغيرها ، وهذه الشبه كلها من واد واحد ، وهي خزانة الوساوس ، ولو لم نجزم بما علمناه الا بعد العلم برد تلك الشبهات لم يثبت لنا علم أبدا «انتهى» وقال صاحب المواقف : قلنا كون الإجماع حجة قطعية معلوم بالضرورة من الدين ، فيكون التشكيك فيه بالاستدلال في مقابلة الضرورة سفسطة لا يلتفت إليها «انتهى» وقال في شرحه لأصول ابن الحاجب : المقام الثاني النظر في ثبوته عنهم وهو العلم باتفاقهم ، وقد زعم منكرو الإجماع أنه على تقدير ثبوته في نفسه فثبوته عنهم محال قالوا في بيانه : ان العادة قاضية بانه لا يتفق أن يثبت عن كل واحد من علماء الشرق والغرب انه حكم في المسألة الفلانية بالحكم الفلاني ، ومن أنصف من نفسه جزم بأنهم لا يعرفون بأنفسهم فضلا عن تفاصيل أحكامهم ، هذا مع جواز خفاء بعضهم عمدا لئلا يلزمه الموافقة والمخالفة او