قال في كتابه المشهور والموسوم بوفيات الأعيان عند ذكر ترجمة علىّ بن جهم القرشي (١) وكونه منحرفا عن عليّ عليهالسلام : إنّ محبّة عليّ لا تجتمع مع التّسنن ، هذا كلامه بعبارته الملعونة التي قصد بها الاعتذار عن انحراف ابن جهم المذكور ، والفكر فيهم طويل ، وأما ما زعمه النّاصب من وقوع ثناء أئمّة أهل البيت عليهمالسلام على الصّحابة والخلفاء الثلاثة ، فليس على ظاهره وإطلاقه ، ولعلّه غفل عن مغزى (٢) كلامهم ومساقه على ما سيجري عليه القلم إنشاء الله تعالى مشمّرا عن ساقه ، وأما ما ذكر : من أنّ ما ذكر صاحب كتاب كشف الغمة فيه إنّما ذكره نقلا عن كتب الشيعة لا عن كتب السنّة ، فهو أوّل أكاذيبه الصّريحة ، ومفترياته الفضيحة ، التي حاول بها ترويج مذهبه الفاسد وتصحيح مطلبه الكاسد ، (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٣) ولا يستبعد ذلك من النّاصب الشقيّ ، فقد أباح بعض أعاظم أصحابه وضع الحديث لنصرة المذهب
__________________
(١) هو على بن جهم بن بدر الشاعر المتوفى سنة ٢٤٩ وكان من ندماء المتوكل العباسي منحرفا عن على عليهالسلام وكافة أهل البيت ، معروفا ببغضهم والميل عنهم. وذكر الخطيب وابن خلكان وغيرهما مطاعن في حقه فليراجع. ثم انك أيها القاري الكريم المنصف ، لو نظرت الى كتب القوم في الرجال والتراجم والسير لرأيت امرا مهولا عجيبا فلا حظ حال ابن حجر في الدرر والذهبي في التهذيب والميزان وتذكرة الحفاظ ، والخزرجي في الخلاصة ، وابو حاتم في الجرح والتعديل والفتنى في المغني وابن عساكر في تاريخ دمشق ، وغيرهم في غيرها ، حيث انهم يصفون رجلا بالزهد والورع والتقى ويقدحون فيه بقولهم : انه كان شيعيا أو يتشيع. وهذا هو البخاري ينقل عن أشد الخوارج الخارجين عن حوزة المسلمين ويعتمد عليه ولا يعتنى بالشيعة ، وما ذلك الا للداء الدفين. الذي أشار اليه سيدنا ومولانا القاضي الشهيد «قده»
(٢) غزاه غزوا. أراده وطلبه وقصده ومغزى الكلام مقصده. ق.
(٣) الأنعام. الآية ١٤٤.