والدّنيا (١) إلّا من عصمه الله ، فهذا أحد الأربعة ، ورجل سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئا لم يحفظه على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمّد كذبا فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله فلو علم المسلمون أنّه وهم فيه لم يقبلوه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه ، ورجل ثالث سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئا أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لا يعلم فحفظ منسوخه ولم يحفظ النّاسخ ، فلو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه ، وآخر رابع لم يكذب على الله تعالى ولا على رسوله صلىاللهعليهوآله مبغض للكذب خوفا من الله تعالى ، وتعظيما لرسول الله صلىاللهعليهوآله لم ينسه بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به كما سمع لم يزد فيه ، ولم ينقص منه ، وعلم النّاسخ من المنسوخ فعمل بالنّاسخ ورفض المنسوخ ، فإنّ أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله مثل القرآن (٢) ناسخ ومنسوخ وعامّ وخاصّ ومحكم ومتشابه ، وقد كان يكون (٣) من رسول الله صلىاللهعليهوآله الكلام له وجهان ، فكلام عامّ وكلام خاصّ مثل
__________________
(١) ونعم ما قيل :
فان الناس قد ذهبوا الى من عنده ذهب |
|
فمن لا عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا |
فان الناس قد مالوا الى من عنده مال |
|
فمن لا عنده مال فعنه الناس قد مالوا |
فان الناس منفضة الى من عنده فضة |
|
فمن لا عنده فضة فعنه الناس منفضة |
الناس عبيد الدينار والدراهم |
(٢) أى في بعض الجهات لا في كلها ، فان النسخ في القرآن والنسخ في الحديث يتفارقان في بعض الأمور ، كما حقق في محله.
(٣) هذا بيان أن الرجل الرابع يوجه الحديث على معرفته بمعناه وما قصد به وما خرج لأجله ، وقد يكون يوجهه على غير معرفته بمعناه وما قصد به لأجله ، مثلا قوله : صلىاللهعليهوآله من كنت مولاه فعلى مولاه إلخ ، نقله الموافق والمخالف : وهو كلام صدر عنه ولم يهم فيه الناقل ، وليس مما يقبل النسخ الا أن الموافق حمله على