منهم ورأيت في أيدي النّاس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ الله صلىاللهعليهوآله أنتم تخالفونهم وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل أفترى النّاس يكذبون على رسول الله صلىاللهعليهوآله متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟ قال فأقبل علىّ فقال : قد سألت ، فافهم الجواب ، إنّ في أيدي النّاس حقّا وباطلا وصدقا وكذبا وناسخا ومنسوخا وعامّا وخاصّا ومحكما ومتشابها وحفظا وو هما ، وقد كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله على عهده حتّى قام خطيبا فقال : أيّها النّاس قد كثرت علىّ الكذّابة فمن كذب علىّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار (١) ثمّ كذب عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس ، رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله متعمدا ، فلو علم النّاس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب رسول الله ورآه وسمع منه وأخذ عنه ولاهم يعرفون حاله ، وقد أخبره الله تعالى عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم ، وقال عزوجل : (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) (٢) ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمة الضّلالة والدّعاة إلى النّار بالزّور (٣) والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب النّاس وأكلوا بهم الدّنيا ، وإنّما النّاس مع الملوك
__________________
(١) رواه في كنز العمال (ج ٣ ص ٣٥٥ حديث ٣١٠٥) عن صحيح أبى يعلى ، عن سعيد بن زيد ، وعن صحيحى البخاري والمسلم. في حديث قال : رسول الله (صلعم): من كذب على متعمّدا فليتبوأ مقعده من النار.
وهذه الرواية الشريفة مما وردت بأسانيد عديدة في كتب الفريقين : بل قد ادعى بعض المحدثين تواترها اللفظي فان لم يكن كذلك فالتواتر المعنوي مسلم فراجع.
(٢) سورة المنافقين. الآية ٤.
(٣) الزور يقال : زور الكذب اى زينه. والكذب مخالفة الواقع في الخبر كان بالتزيين او لم يكن. والبهتان ، الافتراء.