اتخاذه الولد محال لا يدخل تحت القدرة ، وعدم القدرة على الشيء قد يكون لقصورها عنه ، وقد يكون لعدم قبوله لتأثيرها فيه ، لعدم إمكانه لوجوب أو امتناع ، والعجز هو الأوّل دون الثّاني وذكر الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني (١) أنّ أوّل من أخذ منه ذلك إدريس عليهالسلام حيث جاءه إبليس في صورة إنسان وهو يخيط ويقول في كلّ دخلة وخرجة سبحان الله والحمد لله ، فجاءه بقشرة فقال : الله تعالى يقدر أن يجعل الدّنيا في هذه القشرة فقال : الله قادر أن يجعل الدّنيا في سمّ هذه الابرة ونخس بالابرة إحدى عينيه ، فصار أعور ، وهذا وإن لم يرو عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقد اشتهر وظهر ظهورا لا ينكر قال : وقد أخذ الأشعري من جواب إدريس عليهالسلام أجوبة في مسائل كثيرة من هذا الجنس «انتهى كلامه» وكفى بذلك شناعة وفضيحة لهم ولمذهبهم وقدوتهم في مذهبهم؟ وبهذا الذي نقل عن الأسفرايني في شأن شيخه الأشعري يظهر صدق ما ذكره الحكيم شمس الدّين الشّهرزوري (٢) في تاريخ الحكماء عند ذكر ترجمة فخر الدّين الرّازي وتعييره وتوبيخه له في متابعته للأشعري حيث قال : وأعجب أحوال هذا الرّجل أنّه صنّف في الحكمة كتبا كثيرة توهم أنّه من
__________________
(١) هو أبو اسحق ابراهيم بن محمد بن ابراهيم ركن الدين الأسفرايني من مشاهير علماء القوم في الفقه والحديث والكلام ، وكان من أصحاب الشيخ أبى الحسن الأشعري وشريك البحث والدرس مع ابني فورك والباقلاني ، ومن تآليفه كتاب الجامع في اصول الدين وكتاب نور العين في مشهد الحسين عليهالسلام ، توفى يوم عاشوراء سنة ٤١٧ او ٤١٨ ببلدة نيسابور ونقل نعشه الى أسفرايين فراجع في ترجمة حاله الى (ص ١١٧ جزء ٣ من طبقات الشافعية ط مصر). وريحانة الأدب (ج اول ص ٦٩ ط تهران) ثم ان كتاب نور العين قد طبع مرات ولكن ليس مما يعتمد عليه في متفرادته
(٢) قد سبقت ترجمته وتاريخ حياته ، وكتابه (تاريخ الحكماء) من الكتب المعتبرة في تراجم الفلاسفة والأطباء ، وسمعت أن بعض الأفاضل كتب له تذييلا نافعا وآخر لخصه