والعيبة فإنما روي (١) عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم في شان الأنصار الذين فتنوا بحيلة الأغيار أولا ورجعوا إلى عليّ عليهالسلام آخرا ، فلا نصيب للمتنازع فيهم من قريش في ذلك ، وكذا الكلام في قوله : فأثنى الله تعالى عليهم في مجيد كتابه ورضي عنهم وتاب عليهم ، إذ ليس في القرآن ما يدلّ على ثناء الصّحابة المبحوث عنهم ، ولا على عفوه تعالى ورضائه عنهم ، وأيضا الرّضاء الذي وقع في حقّ أهل بيعة الرّضوان كان مشروطا بعدم النّكث ، كما قال تعالى بعد ما أخبر بالرضا عنهم : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) (٢) والحاصل أنّ رضوان الله تعالى عن العباد إنّما يكون بحسب أفعالهم وأعمالهم ، فإذا فعلوا عبادة رضي الله تعالى عنهم. وإن فعلوا معصية سخط الله عليهم ، ولا يلزم من الرّضاء في وقت باعتبار أمر دوام الرّضاء له كما قال سبحانه :
__________________
(١) قد تصفحنا مظان الحديث في الصحاح الستة وغيرها من كتب العامة فلم نجد رواية في توصيف غير الأنصار بالكرش والعيبة بل هما من خصائص الأنصار وقد ورد في توصيفهم بهما روايات (منها) ما رواه البخاري في صحيحه (ج ٥ ص ٣٥ ط اميرية) بالسند المنتهى الى هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك يقول مر ابو بكر والعباس رضى الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال : ما يبكيكم قالوا : ذكرنا مجلس النبي (صلعم) منا فدخل على النبي (صلعم) فأخبره بذلك قال فخرج النبي (صلعم) قد عصب على رأسه حاشية برد قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد الله واثنى عليه ثم قال : أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشى وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم (انتهى) ورواه عن عكرمة عن ابن عباس ايضا ملخصا عن قتادة عن أنس وعن عكرمة عن ابن عباس. ووردت في صحيح مسلم (الجزء السابع صفحة ١٧٤ ط مصر) وفي مجمع الزوائد (الجزء العاشر ص ٣٠ و ٣٦ و ٣٧ ط مصر) أحاديث بهذا المضمون.
(٢) الفتح. الآية ١٠.