المعتزلة ؛ والجواب أنّ الشرك مراد لله تعالى بمعنى أنه أمر قدره الله تعالى في الأزل للكافر لا أنّه رضي به ، وأمر المشرك به ، وهذا من باب التباس الرضا بالإرادة ، وأمّا كون الطّاعات التي لم تصدر عن الكفّار مكروهة لله تعالى ، فإن أراد بالكراهة ، عدم تعلّق الإرادة به فصحيح ، لأنه لو أراد لوجد ، وإن أراد عدم الرّضا به فهو باطل ، لأنّه لم يحصل في الوجود حتّى يتعلّق به الرّضا أو عدمه ، وأمّا أنّه تعالى أمر بما لا يريد ونهى عما يكره ، فإنّه تعالى أمر الكفّار بالإسلام ، ولم يرد إسلامهم ، بمعنى عدم تقدير إسلامهم وهذا لا يعدّ من السّفه ، ولا محذور فيه ، وإنّما يكون سفها لو كان الغرض من الأمر منحصرا في إيقاع المأمور به ، ولكن هذا الانحصار ممنوع ، لأنه ربّما كان لإتمام الحجّة عليهم ، فلا يعد سفها ، وأمّا ما ذكره : من لزوم نسبة القبيح إلى الله تعالى لأنّ إرادة القبيح قبيحة ، فجوابه أن الإرادة بمعنى التقدير وتقدير خلق القبيح في نظام العالم ليس بقبيح من الفاعل المختار ، إذ لا قبيح بالنسبة إليه ، على أن هذا مبني على القبح العقليّ وهو ممنوع عندنا ، ومع هذا فانّه مشترك الإلزام لأنّ خلق الخنزير الذي هو القبيح يكون قبيحا ، والله تعالى خلقه بالاتّفاق منّا ومنكم «انتهى»
أقول
لا يخفى أنّ صغرى ما ذكره من دليل الأشاعرة ممنوعة ، وإنّما الله سبحانه خالق ما يكون خيره غالبا على شرّه ، والقبائح الصّادرة من الشّاهد لا يليق صدورها منه سبحانه ، وأمّا ما ذكره من الجواب فهو مبنيّ على ما اخترعه واصطلحه من جعل الإرادة بمعنى التّقدير ، وقد سبق أنّه يمكن كونه قد تبع في ذلك للنعمانيّة (١)
__________________
(١) عدة انتسبوا الى محمد بن على بن النعمان ابى جعفر الأحول المشتهر بمؤمن الطاق البجلي الكوفي أورده شيخ الطائفة المحقة ابو جعفر الطوسي في الفهرست (ص ١٣١ ط نجف) وقال