من الكفر ، وأمّا من غيره ممّا سنذكره ، فمن موجبات النّبوة متأخّر عنها ثم قال : وجوّز القاضي وقوع الكفر قبل البعثة عقلا قال : وأمّا الوقوع فالذي صحّ عند أهل الأخبار والتّواريخ أنّه لم يبعث من أشرك بالله طرفة عين ، ولا من كان فاسقا فاجرا ظلوما ، وإنّما بعث من كان تقيا زكيّا أمينا مشهور النّسب ، والمرجع في ذلك في قضيّته السّمع ، وموجب العقل التّجويز والتّوبة ، ثمّ إظهار المعجزة يدلّ على صدقهم وطهارة سريرتهم فيجب توقيرهم ويندفع النّفور عنهم ، وخالف بعض أهل الظواهر (١) «انتهى» ، وقال صاحب المواقف في مسألة عصمة النبيّ ما يقرب من كلام ابن همام ، ثمّ قال في مبحث الإمامة عند نفيه لعصمة الفاطمة المعصومة المظلومة عليهاالسلام ، وأيضا عصمة الأنبياء ، وقد تقدّم ما فيه. انتهى فافهم ما فيه ، وأمّا ما نسبه إلى الشيعة من تجويز إظهار الكفر على الأنبياء تقيّة فهو افتراء عليهم ، ولعلّ المعاندين من أهل السّنة توهموا ذلك من استماع إطلاق جواز التّقية ، فنسبوه إليهم ولو فرض صدور ذلك عمّن لا يعبأ من فرق الشّيعة فالإماميّة الذين هم المحقّون المحققون خلفا عن سلف وعلومهم مقتبسة [خ ل عن] من مشكاة النّبوة والولاية ، مبرّؤن عن ذلك ، وتصانيف علمائهم خالية عنه ، وإنّما الذي ذكروه في ذلك أنّ التّقية جائزة ، وربّما وجبت ، وعرّفوها بأنّها إظهار موافقة أهل الخلاف فيما يدينون به خوفا ، وقد استثنوا منها أوّل زمان الدّعوة ، وكذا وطء المنكوحة على خلاف مذهب أهل الحقّ فلا يحلّ باطنا ، وكذا التّصرف في المال المضمون عنه لو اقتضت التّقية أخذه إلى غير ذلك ، وكيف يجوّزون إظهار الكفر على الأنبياء عليهمالسلام تقيّة مع قولهم بحجيّة العقل واعتنائهم بتتبع أدلته؟! فهم أولى بوجدان الدّليل الذي ذكره النّاصب نقلا عن المواقف في امتناع إظهار الكفر على الأنبياء
__________________
(١) المراد به أبو على محمد بن حزم الأندلسي كما افيد.