(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (١) أى لا ينجيهم ، وبمعنى الحكم والتّسمية ، نحو (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) إلى قوله : (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ) (٢) المعنى ما لكم مختلفين فيه ، فبعضكم يسميهم مهتدين وبعضكم يسميهم بخلاف ذلك ، أتريدون أن تسموا مهتديا من سمّاه الله ضالا؟ وحكم بذلك عليه ومنه قول الشّاعر :
ما زال يهدي قومه ويضلّنا |
|
جهلا وينسبنا إلى الكفّار |
وأمّا الضّلال ففيه لفظتان : ضلّ وأضلّ ، أما لفظة ضلّ فقد يكون لازمة نحو ضلّ الشيء أى ضاع وهلك ، ومنه قوله تعالى : (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) (٣) اى ضاعوا ، وقوله تعالى (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) (٤) اى ضاع وبطل ، وقد تكون متعدّية نحو ضلّ فلان الطريق والدّار وضلّ عنهما إذا جهل مكانهما ، ومنه قوله تعالى (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) (٥) ، وأما لفظة أضلّ فيأتي على وجوه : أحدها أن يكون بمعنى ضلّ المتعدّية وتكون الهمزة للفرق بين ما يفارق مكانه وما لا يفارقه ، قال أبو زيد (٦) يقال : ضلّ الطريق ولا يقال أضلّها لما كانت لا تفارق مكانها ، ويقال أضلّ بعيره ولا
__________________
(١) البقرة. الآية ٢٦٤.
(٢) النساء : الآية ٨٨.
(٣) غافر. الآية ٧٤.
(٤) الاسراء. الآية ٦٧.
(٥) المائدة. الآية ١٢.
(٦) هو أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت بن زيد الخزرجي البصري الحبر الخبير في علمي النحو واللغة ، قال السيوطي : أخذ عنه الأصمعي وغيره ، توفى سنة ٢١٥ ، له كتب ، منها كتاب في المياه وآخر في المطر وآخر في الوحوش وآخر في المصادر وآخر في غريب الأسماء.