قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل [ ج ١ ]

    288/486
    *

    هو بمعنى إيجاب الله تعالى على نفسه شيئا بمقتضى حكمته ، كما دلّ عليه قوله تعالى و (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (١) ، وغير ذلك ، لا بمعنى إيجاب غيره تعالى شيئا عليه كما توهّمه الأشاعرة ، والإيجاب بذلك المعنى ممّا يجب القول به لقيام الدّليل عليه كما عرفت وأما قوله إذ يفعل ما يشاء ، فان أراد به الإشارة إلى قوله تعالى : (يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) يتوجه عليه أنّه لا يستلزم أن يشاء القبيح أيضا ، وهو ظاهر فلا يدلّ على صدور القبيح منه تعالى ، وإن ذكره كلاما من عند نفسه من غير الاشارة إلى الآية فلا التفات اليه أصلا وأما قوله : والحال أنّهم لا بدّ أن يقولوا به ، فانّ الله تعالى أخبر بعدم ايمان أبي لهب «إلخ» فمردود بأنّ لنا ألف مندوحة عن ذلك ، فانّ شبهة إخبار الله تعالى بعدم إيمان أبي لهب شبهة سخيفة عتيقة رميمة ، قد أجاب عنها المصنّف قدس‌سره في كتابي تهذيب الأصول ونهاية الوصول بالمنع من الأخبار بعدم ايمان أبي لهب ، والوعد [ظ الوعيد] بأنّه سيصلى نارا لا يدلّ على الاخبار بعدم تصديقه للنّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لإمكان تعذيب المسلم كالفاسق ، ولو سلّم فلنا أن نقول إنّه سيصلى النّار على تقدير عدم ايمانه ، وكذا قوله تعالى في قصّة نوح : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ) لك (مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) (٢) أى بتقدير عدم هداية الله تعالى لهم إلى ذلك ، سلّمنا لكن نمنع أنهم كلّفوا بتصديق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما أخبر به من عدم تصديقهم بنبوّته لجواز وروده حال غفلتهم أو نومهم أو بعد التكليف ، ولو سلّم أنّ تصديق الله تعالى في كلّ ما أخبره به من الايمان لم يلزم منه أمره بتصديق هذا الخبر عينا ، لأنّ الايمان إنّما يجب بما علم مجيئه به لا بما جاء به مطلقا ، سواء علمه المكلف أو لم يعلمه ، ولا نسلّم أنّ هذا الخبر ممّا علم أبو لهب مجيئه به حتّى يلزم تصديقه به ، وتلخيصه

    __________________

    (١) الانعام. الآية ١٢.

    (٢) هود. الآية ٣٦.