أقام البراهين لكلّ مكلّف فكانوا كلّهم على الشّرائط الموصلة لهم إلى الثّواب ، فمن قبل منهم ما عرض له وجعله وصلة إلى الثّواب سعد من قبل نفسه ، ومن أبى فقد شقى من قبل نفسه ، وذلك يجري مجرى من او لم وليمة وبسط بساطا وفتح الدّهليز وأذن للنّاس في الدّخول إذنا عامّا وأرسل رسله إلى كلّهم ، فمن وصل منهم إلى مائدته استنفع ومن لم يصل حرم ذلك من قبل نفسه لا من قبل صاحب الوليمة والحمد لله على نعمائه.
قال المصنّف رفع الله درجته
قالت الإماميّة والمعتزلة : لا يجوز أن يعاقب الله النّاس على فعله ولا يلومهم على صنعه (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (١) ، وقالت الأشاعرة : لا يعاقب الله النّاس إلّا على ما لم يفعلوه ولا يلومهم إلّا على ما لم يصنعوه ، وإنّما يعاقبهم على فعله فيهم يفعل فيهم سبّه وشتمه ثم يلومهم عليه ويعاقبهم لأجله ويخلق فيهم الإعراض ، ثمّ يقول (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (٢) ، ويمنعهم من الفعل ويقول (ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) (٣) «انتهى».
قال النّاصب خفضه الله
أقول : مذهب الأشاعرة أن الله تعالى (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) كما نصّ عليه في كتابه (٤) ، ولا خالق سواه ويعاقب النّاس على كسبهم ومباشرتهم الذّنوب والمعاصي ،
__________________
(١) اقتباس من قوله تعالى في سورة الاسراء. الآية ١٥.
(٢) المدثر. الآية ٤٩.
(٣) الكهف. الآية ٥٥.
(٤) الرعد. الآية ١٦.