من الخلق (١) الجديد من غير أن يتأمّلوا في حقيقة ما أرادوه من ذلك ، فإنّهم أرادوا بذلك أنّ الماء كما يدوم ويبقى بالعين وامدادها ، كذلك الأشياء الظاهرة كلّها تبقى بإفاضة الله تعالى ، ولو انقطع مدد الفيض عنها لحظة لارتفعت رأسا ، وليس في ذلك حكم بتقضّي المخلوقات وتجدّدها آنا فآنا كما ذهبوا إليه فتأمل. وأما رابعا فلأنّ ما أجاب به عن أوّل المحالات الخمسة التي ألزمها المصنّف قدسسره فيتوجّه عليه : أنّ شارح المقاصد قال موافقا لغيره : إنّ الماهيّة إن اعتبرت مع التّحقق سمّيت ذاتا (٢) وحقيقة ، فلا يقال : ذات العنقاء وحقيقتها بل ماهيّتها
__________________
(١) وعبر عنه بعضهم بالأخذ والدفع وغيرها من التعابير فراجع.
(٢) الذات كما أفاد أبو البقا في ص ١٧٢ طبع تهران من كتابه هو ما يصلح أن يعلم ويخبر عنه ، منقول عن مؤنث ذو بمعنى الصاحب ، لان المعنى القائم بنفسه بالنسبة الى ما يقوم به يستحق الصاحبية والمالكية ، ولمكان النقل جعلوا تاء التأنيث عوضا عن اللام المحذوفة ، فأجروها مجرى الأسماء ، فقالوا ذات قديم وذات محدث ، وقيل التاء فيه كالتاء في الوقت والموت فلا معنى لتوهم التأنيث الى آخر ما أفاد وأجاد.
ثم اعلم أن للذات إطلاقات :
منها إطلاقه على الشيء والنفس.
ومنها إطلاقه على الرضا ومنه قولهم فلان فعل الجميل الكذائى في ذات الله ومرضاته.
ومنها إطلاقه على مفهوم الشيء.
ومنها إطلاقه على المستقل بالمفهومية ، ويقابله الصفة ، بمعنى الغير المستقل بالمفهومية ومنها إطلاقه على الشيء المستقل ويقابله التابع.
ومنها إطلاقه على الحقيقة اى الماهية باعتبار تحققها كما أفاد الجرجاني في الحدود والقاضي الشهيد في الكتاب الى غير ذلك من الإطلاقات والاستعمالات.
ثم انك إذا أحطت خبرا ودققت النظر فيما تلى عليك لرأيت إمكان إرجاع هذه الإطلاقات