باق لامتناع تطرق العدم إلى صفاته تعالى ، ولأنّه يلزم أن يكون محلا للحوادث فيكون له بقاء آخر ويتسلسل. وأيضا صفاته تعالى باقية فلو بقيت بالبقاء لزم قيام المعنى بالمعنى «انتهى».
قال النّاصب خفضه الله
أقول : قد عرفت فيما سبق أكثر أجوبة ما ذكره في هذا الفصل ، قوله : لو احتاج في بقائه إلى غيره كان ممكنا ، قلنا : الاحتياج إلى الغير الذي لم يكن من ذاته يوجب الإمكان ، ومن كان صفاته من ذاته لم يكن ممكنا. قوله ولأنّ البقاء إن قام بذاته لزم تكثّره ، قلنا : لا يلزم التّكثّر ، لأن الصّفات الزّائدة ليست غيره مغايرة كلّيّة كما سبق ، قوله : احتاج البقاء إلى ذاته وذاته محتاجة إلى البقاء فيلزم الدّور ، قلنا : مندفع بعدم احتياج الذّات إلى البقاء بل هما متحقّقان معا كما سبق ، فهو قائم بذاته من غير احتياج الذّات إليه بل هما متحققان (تحققا خ ل) معا. قوله : بقاؤه باق ، قلنا : مسلّم ، فالبقاء موصوف ببقاء هو عين ذلك البقاء كاتّصاف الوجود بالوجود ، قوله : ولأنّه يلزم أن يكون محلا للحوادث قلنا : ممنوع ، لأنا قائلون بقدمه. قوله : يكون له بقاء آخر ويتسلسل ، قلنا : مندفع بما سبق من أنّ بقاء البقاء نفس البقاء. قوله : صفاته تعالى باقية فلو بقيت بالبقاء لزم قيام المعنى بالمعنى ، قلنا : قد سبق أنّ الصّفات ليست مغايرة للّذات بالكلّية فيمكن أن يكون البقاء صفة للذّات ، وتبقى الصّفات ببقاء الذّات فلا يلزم قيام المعنى بالمعنى.
أقول : قد أوضحنا لك وهن تلك الأجوبة وما فيها من الاشتباه والخلط (١) والخبط ، وأما ما أجاب به هاهنا أوّلا من أنّ الاحتياج إلى الغير الذي لم يكن من ذاته يوجب الإمكان ومن كان صفاته من ذاته لم يكن ممكنا ففيه أنّه
__________________
(١) قد مر الفرق بين الخلط والخبط فليراجع.