أيضا عنه ، إلا أنّه لا مغايرة بينهما ، بل هو عينه كما نصّ عليه هذا الرّجل في أوّل تقرير هذا الاعتراض ، فحينئذ جاز أن يكون كلّ فرد من أفراد الوجود مستغنيا عن البقاء في الزّمان الأوّل محتاجا إليه في الزّمان الثّاني ، ولا يلزم التّفاوت في أفراد طبيعة واحدة استغناء واحتياجا «انتهى» فأقول : مبناه على أنّ المصنّف أراد أنّه يلزم اختلاف أفراد طبيعة الوجود ، (وقد علمت) بما نبّهناك عليه من دلالة صريح كلام المصنّف على إرادة لزوم اختلاف فرد واحد من طبيعة واحدة في زمانين (أنّ ما فهمه النّاصب) في هذه الحاشية أيضا غير منفهم عن كلام المصنّف أصلا ، وإنّما النّاصب الشقي الجاهل قد التزم الردّ على هذا الكتاب تعصّبا من غير استعداد واستمداد ، فمقاصده عنه تفوت ، وينسج عليه أمورا واهية كنسج العنكبوت ، ويأتي بمثل هذا الجواب الواهي الشّنيع ، وأنى يدرك الضّالع (١) شأو (٢) الضّليع (٣).
قال المصنّف رفع الله درجته
المطلب الثاني في أنّ الله تعالى باق لذاته ؛ الحقّ ذلك لأنّه لو احتاج في بقائه إلى غيره كان ممكنا ، فلا يكون واجبا للتّنافي الضّروري بين الواجب والممكن. وخالفت الأشاعرة في ذلك وذهبوا إلى أنّه تعالى باق بالبقاء وهو خطأ لما تقدّم ، ولأنّ البقاء إن قام بذاته تعالى لزم تكثره واحتاج البقاء إلى ذاته تعالى ، مع أنّ ذاته محتاجه إلى البقاء فيدور ، وإن قام بغيره كان وصف الشّيء حالا في غيره ولأنّ غيره محدث ، فإن قام البقاء بذاته كان مجردا. وأيضا بقاؤه تعالى
__________________
(١) الضالع : المعوج الخلقة.
(٢) الشأو : الأمد والغاية.
(٣) الضليع : المستوي الخلقة وهذه الجملة مثل يضرب به في بيان قصور الناقص عن اللحوق بالتام الكامل فيما همه وأراد واين التراب ورب الأرباب.