أورد عليه ثلاث إيرادات ، الأوّل : أنّ البقاء إن عنى به الاستمرار لزم اتّصاف العدم بالصّفة الثبوتيّة إلى آخر الدّليل ، والجواب : أنّ البقاء عنى به استمرار الوجود لا الاستمرار المطلق حتى يلزم اتّصاف العدم بالصّفة الثبوتيّة فاندفع ما قال. الثاني أنّ وجود الجوهر في الزّمان الثّاني لو احتاج إلى البقاء لزم الدّور ، ثمّ ذكر أن الأشاعرة أجابوا بمنع احتياج البقاء إلى الجوهر ، ورتّب عليه أنّه حينئذ جاز أن يقوم بذاته لا في محلّ ، وهذا الجواب افتراء عليهم ، بل أجابوا بمنع احتيّاج الذّات إليه ، وما قيل إنّ وجوده في الزّمن الثّاني معلّل به ممنوع ، غاية ما في الباب أنّ وجوده فيه لا يكون إلا مع البقاء وذلك لا يوجب أن يكون البقاء علّة لوجوده فيه ، إذ يجوز أن يكون تحقّقهما معا على سبيل الاتّفاق ، فاندفع كلّ ما ذكر من المحذور. الثالث : أنّ وجود الجوهر في الزّمان الثّاني هو عين وجوده في الزّمان الأوّل ولمّا كان وجوده في الزّمان الأوّل غنيّا كان في الثّاني كذلك ، والجواب : أنّ جميع أفراد الوجود محتاج إلى البقاء في الزّمان الثّاني غنيّ عنه في الزّمان الأوّل فلا تختلف أفراد الطبيعة (١) في الاحتياج والغنى الذّاتيين وهو حسب أنّ الوجود في
__________________
(١) وعلم ان المقصود من هذا الجواب انه يلزم من تساوى افراد الطبيعة في الاستغناء والاحتياج اليه ان لا يكون الوجود في الزمان الثاني محتاجا الى البقاء ، وانما لزم ذلك منه ان لو كان الوجود في الزمان الثاني فردا مغايرا للوجود في الزمان الاول إذ حينئذ لما استغنى الوجود في الزمان الاول عنه فيجب استغناء الوجود في الزمان الثاني ايضا عنه ، الا انه لا مغايرة بينهما بل هو عينه كما نص عليه هذا الرجل في اول تقرير هذا الاعتراض فح جاز ان يكون كل فرد من افراد الوجود مستغنيا عن البقاء في الزمان الاول محتاجا اليه في الزمان الثاني ولا يلزم التفاوت في افراد طبيعة واحدة استغناء واحتياجا (من الفضل بن روزبهان).