القول بذلك جعل النّزاع المستمر بين الطائفتين قريبا من سبعمائة سنة لفظيّا ، ضرورة أنّ اهل (١) العدل حينئذ لا ينازعون في أنّ الشرور والقبائح الموجودة من الكفر والفسق وأمثالهما مرادة لله تعالى ، بمعنى أنّها مقدرة بالتّقدير المفسّر عندهم بالإعلام والتّبيين ونحوهما وكفاك في تصديق ما ذكرنا في أفعاله تعالى دون أفعال العباد من اختراعه وافترائه بذلك التّفسير على أصحابه : أنّ كتاب المواقف مع بسطه وتلخيص مقالات المتقدمين فيه خال في هذا المبحث وفي مبحث إرادة الله تعالى لجميع الكائنات عن تفسير الإرادة بهذا المعنى ، وإنّما فسر الإرادة بالصّفة المخصّصة ، ويدلّ عليه استدلاله في بحث إرادة الله تعالى للكائنات بقوله : لنا أما أنّه مريد للكائنات بأسرها. فلأنّه خالق للأشياء كلّها ، وخالق الشيء بلا إكراه مريد له ضرورة ، وأيضا فالصفة المرجحة لأحد المقدورين هو الإرادة كما مرّ ، ولا بدّ منها «إلخ» ثم ذكر أدلة المعتزلة على أنّه تعالى لا يريد الكفر والمعاصي ، ولم يجب في شيء منها بأنّ الإرادة هاهنا بمعنى التّقدير ، ولعلّ النّاصب اشتبه عليه الأمر من كلام مصنّف العقائد النّسفيّة وشارحه ، حيث قال المصنّف : وهي أى أفعال العباد كلّها بإرادته ، ومشيته وقضيّته وتقديره ، ثمّ قال الشارح : بعد تفسيره للتّقدير بتحديد كلّ مخلوق بحدّه «إلخ» : والمقصود تعميم إرادة الله تعالى وقدرته لما مرّ من أنّ الكلّ بخلق الله تعالى ، وهو يستدعي القدرة والإرادة «انتهى» ، وعرضه من ذلك أنّ مقصود المصنّف صاحب العقائد من قوله سابقا : وهي أى أفعال العباد كلّهم بإرادته ومشيّته «إلخ» تعميم إرادته وقدرته بالنّسبة إلى جميع الكائنات والنّاصب فهم منه أنّ المراد أنّ مقصود (٢) الشّارح نفسه أو مقصود المصنّف
__________________
(١)؟؟؟ القائلون بعدالته تعالى من فرق المسلمين كالامامية والمعتزلة والزيدية وغيرهم سوى الاشاعرة النافين لها كما سبق ويأتى.
(٢) الظاهر ان حق العبارة هكذا : والناصب فهم منه ان مقصود الشارح نفسه أو