الكلام صفة متنافية للسّكوت والآفة ، وقال شارحه (١) العلامة : هذا إنّما يصدق على الكلام اللّفظي دون النّفسي ، إذ السّكوت والخرس إنّما ينافي التلفّظ ، وأجاب بأنّ مراده السّكوت والآفة الباطنيّتان بأن لا يدبّر في نفسه التّكلم ولا يقدر على ذلك ، فكما أنّ الكلام لفظي ونفسي ، فكذا ضدّه اعني السّكوت والخرس ، فأنت على يقين أنّ هذا التّوجيه تمحّل (٢) لا يغني عن الحق شيئا (٣) ، فأعرضنا عن التّعرّض بتفصيل الجواب.
__________________
وقد شرحه جمع كثير من علماء القوم ومنها كتاب طلبة الطلبة في المصطلحات الحنفية في الفقه ، ومنها تاريخ سمرقند ، والنسفي نسبة الى نسف كجبل بلد بما وراء النهر.
(١) المراد به قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي الكازروني الشافعي المشتهر بالعلامة المتوفى سنة ٧١٠ ببلدة تبريز ودفن بجنب قبر القاضي البيضاوي أو العلامة المحقق التفتازاني المولى مسعود بن عمر المتوفى سنة ٧٩١ صاحب كتاب المطول والظاهر الثاني.
(٢) قال بعض الفضلاء في بحث المغالطة من كتاب المسمى بمسالك الافهام في علم الكلام ان من أسباب الغلط أخذ ضد الشيء ضدا للازمه وهو باطل ، لان الحرارة يضاد البرودة ولا يضاد العرضية واللونية ، وأبو الحسن الأشعري ارتكب هذا في اثبات كلام الحق فقال : وجدنا كل من ليس بمتكلم اخرس فحكم بان الكلام والخرس متضاد ان ، فحكم بانه تعالى لو لم يكن متكلما لكان اخرس ، لأنه في الشاهد كذلك ، ثم أثبت للباري شيئا سماه كلام النفسي ولم يثبت له الكلام الذي اخذه ضدا للخرس (فانه يثبت للخرس) لعدم اشتراطه بالحرف والصوت ، فيجتمع مع الخرس ، فلا يكون ضده فبطل قوله ان الكلام والخرس ضد ان لان الخرس لا يزول بكلام النفس. منه «قده».
(٣) اقتباس من قوله تعالى في سورة يونس. الآية : ٣٦.