الأغبياء (١) أمّا أهل الخصوص فلا يحتاجون إلى تلك النّصوص ، بل إنّما يراد منهم ما يقع في قلوبهم ويحكم عليهم بما يغلب عليهم من خواطرهم ، وقد جاء فيما ينقلون : استفت قلبك وإن أفتاك المفتون «انتهى» وهذه زندقة وكفر صريح يقتل قائله ، لأنّه إنكار ما علم من الشّرائع ، فإن الله أجرى سنّته وأنفذ حكمته (خ ل حكمه) بأنّ أحكامه لا تعلم إلا بواسطة رسله السّفراء بينه وبين خلقه ، وهم المبلّغون عنه رسالته المظهرون أحكامه ، وبالجملة فقد حصل العلم القطعي واليقين الضّروري من دين نبيّنا صلىاللهعليهوآله بأنّه لا طريق لمعرفة أحكام الله تعالى التي هي راجعة إلى أمره ونهيه إلا من جهة الرّسل من صريح العقل والوحى ، فمن قال : إنّ هناك طريق آخر يعرف به نهيه وأمره غير الرّسل فهو كافر ثم ان هذا قول بإثبات أنبياء بعد نبيّنا صلىاللهعليهوآله الذي جعله خاتم أنبيائه ورسله فلا نبيّ بعده ولا رسول ، وبيان ذلك أنّ من قال : إنّه يأخذ عن قلبه وإنّما وقع فيه حكم الله فقد أثبت لنفسه خاصّة النّبوة التي أشار إليها النبيّ صلىاللهعليهوآله بقوله : إنّ روح القدس نفث في روعي (٢) ، والملخّص أنّا لا ننكر أنّ الملك والشّيطان لهما تصرّفات في القلب ، وأن الله يلهم العبد بدليل (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) (٣) ، وليست بنبيّة بل ربّما يوحي إلى النّحل ونحوه ، كما دلّ عليه قوله تعالى (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) (٤) الآية ونحوه وإنّما ننكر وحى الأحكام بالأمر والنّهى سيّما بعد ختم النبوة والله أعلم.
__________________
(١) الأغبياء. جمع الغبي وهو البليد وقليل الفطنة.
(٢) بلغ روعه : اى سويداء قلبه وقد يطلق الروع مجازا على الروح.
(٣) القصص : الآية ٧.
(٤) النحل : الآية ٦٨.