الظاهر كداود (١) والحنابلة كلّهم فإنّهم قالوا إنّ الله تعالى جسم يجلس على العرش ويفضل عنه من كلّ جانب ستّة أشبار بشبره ، وأنّه ينزل في كلّ ليلة جمعة على حمار وينادى إلى الصّباح هل من تائب هل من مستغفر (٢)؟ وحملوا آيات التّشبيه على ظواهرها ، والسّبب في ذلك قلّة تميّزهم وعدم تفطنهم بالمناقضات التي تلزمهم وإنكار الضّروريات التي تبطل مقالتهم ، فانّ الضرورة قاضية بأنّ كلّ جسم لا ينفكّ عن الحركة والسّكون ، وقد ثبت في علم الكلام إنّهما حادثان ، والضّرورة قاضية بأنّ من لا ينفكّ عن المحدث فإنّه يكون محدثا فيلزم حدوث الله تعالى ، والضّرورة قاضية بأنّ كل محدث مفتقر إلى محدث ، فيكون واجب الوجود مفتقرا إلى مؤثّر ، ويكون ممكنا فلا يكون واجبا وقد فرض واجبا (هذا خلف) وقد تمادى [خ ل تمارى] أكثرهم فقال : إنّه تعالى يجوز عليه المصافحة ، وأنّ المخلصين في الدّنيا يعانقونه (٣) في الدّنيا ، وقال داود : اعفوني عن الفرج واللّحية واسألوني عمّا وراء ذلك ، وقال : إنّ معبوده جسم ذو لحم ودم وجوارح وأعضاء (٤) وإنّه بكى على طوفان نوح حتّى رمدت عيناه وعادته
__________________
(١) هو داود بن على الاصبهانى امام الظاهرية ومثله في المصير الى جواز تجسمه تعالى ورؤيته داود الجواربى الذي أثبت الأعضاء والحركة والسكون له تعالى ، وكان يقول : سلوني عن شرح سائر أعضائه تعالى ما عدى شرح فرجه ولحيته ، هكذا في رسالة اعتقادات المسلمين للفخر الدين الرازي وغيرها.
(٢)وفي اخبار أهل البيت عليهمالسلام : أن الله تعالى يبعث ملكا ينادى ليلة الجمعة : هل من تائب وهل من مستغفر؟ من دون أن ينجسم تعالى شأنه.
(٣) ان لم يكن من قبيل هذا الاشخاص لبقي دين محمد (ص) على الطريق النازل من عند الله.
(٤) قال صاحب المواقف انهم قالوا : انه تعالى مركب من لحم ودم وقال الغزالي ولقد بعد عن التوفيق من صنف كتابا في جمع الاخبار المشتملة على المتشابهات فقال باب