بعضهم : إنّه تعالى لا يقدر على مثل مقدور العبد ، وقال آخرون : إنّه لا يقدر على عين (١) مقدور العبد ، وقال آخرون : إنّه لا يقدر على القبيح ، وقال آخرون : إنّه لا يقدر أن يخلق فينا علما ضروريّا ، يتعلّق بما علمناه مكتسبا ، وكلّ ذلك بسبب سوء فهمهم وقلّة تحصيلهم ، والأصل في هذه أنّه تعالى واجب الوجود ، وكلّ ما عداه ممكن ، وكلّ ممكن فإنّه إنّما يصدر عنه أو يصدر عمّا يصدر عنه ، ولو عرف هؤلاء الله سبحانه وتعالى حقّ معرفته لما تعدّدت آراؤهم ولا تشعبّوا بحسب تشعّب أهواءهم «انتهى»
قال النّاصب خفضه الله
أقول : مذهب الأشاعرة أنّ قدرته تعالى تعمّ سائر الممكنات ، والدّليل عليه أنّ المقتضي للقدرة هو الذّات ، والمصحّح للمقدوريّة هو الإمكان ونسبة الذّات إلى جميع الممكنات على السّواء ، فإذا ثبت قدرته على بعضها ثبتت على كلّها ، هذا مذهبهم ، وقد وافقهم الاماميّة في هذا وإن خالفهم المعتزلة ، فقوله خالف في ذلك جماعة من الجمهور ، إن أراد به الأشاعرة فهو افتراء وإن أراد غيرهم فهو تلبيس وإراءة للطالبين أنّ مذهبهم هذا ، لأنّ الجمهور في هذا الكتاب لا يطلقه إلا على الأشاعرة ، وبالجملة تعصّبه ظاهر وغرضه غير خاف ، وأما قول بعضهم : إنّ الله تعالى لم يقدر على مثل مقدور العبد فهو مذهب أبي القاسم البلخي (٢) ، واما
__________________
(١) وفي بعض النسخ (غير مقدور العبد بدل عين مقدور العبد) ولكل منهما وجه وقائل ، كما يظهر من كتب الملل والأهواء.
(٢) في بعض النسخ ابو زيد البلخي ، وعليه فهو ابو زيد أحمد بن سهل البلخي ، المتكلم الحكيم الشهير ، المتوفى سنة ٣٤٠ كما في الجواهر المضية ص ٦٩ ، روى عنه حفيده عبد الله بن محمد بن سهل وعبد الله بن محمد بن شاه السمرقندي وغيرهما. وفي بعض النسخ