في هذه المسألة ،
والحاصل أنّ احتمال وجوب المعرفة وعدمه حاصل في مشعر كلّ ذي شعور ، بل الرّاجح
عنده وجوب المعرفة الذي يورث ترك النّظر فيه خوف العقوبة ، وهو قادر على دفع هذا
الخوف الذي هو مضرّة ناجزة له ، فإن لم يدفعه كان مستحقّا لأن يذمّه العقلاء فيكون
واجبا عقليّا ، وأما ثالثا فلأنّ ما ذكره من منع أنّ العرفان الحاصل بالنّظر يدفع
الخوف مستندا بأنّه قد يخطي ، فلا يقع العرفان على وجه الصّواب مردود ، بأن
العرفان يدفع الخوف لاعتقاده أنّه مصيب ، واحتمال الخطأ في نفس الأمر لا يقدح في
ذلك ، وأما رابعا فلأنّ ما ذكره في دفع الدّور اللازم على الأشاعرة من أنّ وجوب
المعرفة ثابت في نفس الأمر «إلخ» ، فساقط جدّا ، لأنّه إن أراد بنفس الأمر مقتضى
الضّرورة والبرهان فهو راجع إلى القول بالحسن والقبح العقليّين كما مرّ ، وإن أراد
به مقتضى الأمر الشّرعي فالدّور بحاله ، وإن أراد به معنى آخر فليذكره أوليائه
حتّى نتكلم عليه وأما خامسا فلأنّ ما ذكره في منع المقدّمة القائلة : بأنّ تكليف
غير العارف باطل من أنّ شرط التّكليف فهمه وتصوّره لا العلم والتّصديق به «إلخ»
فمدخول بأنّه بنى في ذلك على أنّ المصنّف أراد بالمعرفة العلم التّصديقي وليس كذلك
، بل أراد أنّ المعرفة في الجملة لو لم يجب إلا بالأمر كما يقتضيه كلام الأشاعرة
لكان كذا ، ومن البيّن أنّه يلزم حينئذ تكليف الغافل كما ذكره المصنّف فلا تغفل.
قال المصنّف رفع الله درجته
المسألة الثالثة في صفاته تعالى وفيه
مباحث الاول أنّه تعالى قادر على كل مقدور ، الحق ذلك لأنّ المقتضي لتعلّق القدرة
بالمقدور هو الإمكان ، فيكون الله تعالى قادرا على جميع المقدورات ، وخالف في ذلك
جماعة من الجمهور ، فقال
__________________