واجب (١) بالضّرورة كما ذكره المصنّف ، وأيضا ما ذكره من أنّه على تقدير صحّة كونه فطريّ القياس للمكلّف أن لا يستمع إليه ، غير مسموع ، إذ ليس له أن لا يستمع إليه إذا كان وجوبه عقليّا ، فإنّ إلزام العقل له حينئذ لا يقتضي الاستماع عن النّبي بل عن العقل ، وليس له أن لا يستمع من العقل ، لوجود مقدّمات عقليّة فطريّة مثبتة له أنّه يجب سماعه قفاء (٢) عليه ، والحاصل أنّه إذا كان شرعيّا فكلّ الواجبات بعد ثبوت الشّرع ، فللمكلّف أن يقول للنّبى ثبّت العرش ثمّ انقش (٣) ، وإذا كان عقليّا فالكلّ بعد العقل وهو ثابت له ، فهو ينقش النّقوش قفاء عليه ، وما له محيص عنه وعن حكمه ، وله محيص قبل ثبوت الشّرع عن الشرع وأحكامه ، فلا يكون الإلزام مشتركا ، على أنّه يمكن أن يقال في دفع النّقض عن أهل العدل بناء على أصلهم وهو وجوب اللّطف على الله تعالى : إنّه يجب عليه تعالى إراءتهم المعجزة فلا يلزم الإفحام ، وأيضا يمكن تقرير الدّليل على وجه لا يتوجّه إليه النّقض ، بأن يقال : لو كان الحسن والقبح عقليّين أمكن أن يتحقّق الإلزام في بعض من الأوقات بالنّسبة إلى من حصّل تلك المقدّمات ، وعرف بها عقلا أنّ النّظر في المعجزة واجب سواء كانت تلك المقدّمات ظاهرة أو خفيّة ، أو بالنّسبة إلى من يلقى النّبي إليه تلك المقدّمات الموصلة إلى وجوب النّظر ، وبواسطة تلك المقدّمات حصل له العلم بوجوب النّظر ، وأما لو كانا شرعيّين فلا يمكن أن يتحقّق الإلزام ، لأنّه لا وسيلة حينئذ إلى معرفة
__________________
(١) ويمكن أن ينبه عليه بأن السالك في الآجام قد احتمل عقله وجود السباع فيها إذا قال له رفيقه الماشي في أثره : إياك والأسد من يمينك ، فلم يلتفت الى يمينه دفعا للضرر الى أن افترسه الأسد نسبه الناس الى الحماقة والتقصير كما لا يخفى. منه «قده».
(٢) قفى على أثره قفاء اى تبع أثره.
(٣) مثل معروف يضرب به في من يثبت شيئا تحققه مبتن على آخر قبل ثبوت المبتنى ثم العرش خشبة السقف او هو نفسه.