آخر عمره ، ولذا لا يقبل قوله ما لم يعلم تاريخه ، ولو سلّم صحّته فمن الجائز أن يكون المراد من الرؤية فيه ، العلم التّام كما في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) (١) ؛ (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ) (٢) ويكون معناه أنّكم ستعلمون
__________________
رحل الى النبي صلىاللهعليهوآله ليبايعه فقبض وهو في الطريق. روى عن أبيه والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وأبى بكر وعمر وأبى هريرة وعمرو بن العاص وجرير بن عبد الله والمغيرة بن شعبة وغيرهم ، روى عنه إسماعيل بن أبى خالد وبيان بن بشر والمغيرة ابن شبيل وغيرهم ، وحال الرجل مختلف فيه عند العامة ، فذهب جماعة كثيرة منهم الى تضعيفه ، وأنه كان يروى المناكير والغرائب ، ومنهم من حمل عليه في مذهبه ، وقالوا :كان يحمل على على عليهالسلام والمشهور أنه كان يقدم عثمان ، ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه ، قال الحافظ بن حجر العسقلاني في كتاب تهذيب التهذيب (الجزء الثامن ص ٣٨٨ ط حيدرآباد) ما لفظه : وقال يحيى بن أبى عبد الله : ثنا إسماعيل بن أبى خالد قال : كبر قيس حتى جاز المائة بسنين كثيرة حتى خرف وذهب عقله ، وقال ابن المديني : قال لي يحيى بن سعيد قيس بن أبى حازم منكر الحديث ، ثم ذكر له يحيى أحاديث مناكير إلخ.
ولا يذهب عليك أن أحمد بن حنبل روى حديث الرؤية بأسانيد كلها منتهية الى قيس بن أبى حازم ، فظهر أن قول الناصب هناك عدة أحاديث ، مما لا أصل له ، بل هو حديث واحد رواه عدة عن شخص واحد ، وهو ممن لا يعتنى به لنقله المناكير والغرائب ، مضافا الى خبطه واختلاله في أواخر عمره ، على أنه كان متروك الحديث عند الكوفيين أهل البحث والتنقيب في قبول الرواية ، مضافا الى أن خبر الواحد الظنى الصدور كيف يقاوم البراهين العقلية السديدة والأدلة النقلية الرصينة ، أفيمكن المصير الى رؤيته تعالى وجعل أمثال هذا الخبر مستمسكا ومتكئا؟
(١) الفيل. الآية : ١.
(٢) يس. الآية : ٧٧.