التأريخ ، كما ادعى ذلك الطبري في مقدمة كتابه الشهير بتأريخ الامم والملوك ، حيث قال : « فما يكن في كتابي هذا من خبرذكرناه عن بعض الماضين ، مما يستنكره قارئه ، أو يستشنعه سامعه .... ، فليعلم انه لم يؤت في ذلك من قبلنا ، وانما اتى في بعض ناقليه إلينا ، وانّا انما ادينا ذلك على نحو ما أُدي إلينا »!!.
ولا ادري اي الاخبار يتنصل من تبعتها الطبري ـ الذي يُعد مرجعاً للمؤرخين عند الاختلاف ، كما يذكر ذلك سلفه ابن الاثير ـ أهي اخبار سيف ابن عمر الاسدي الذي اصر على نقل اخباره رغم ما اتفق عليه الجميع من الطعن به والتشهير بمذهبه (١) ، أم هي الروايات المتناقضة التي يرويها لواقعة واحدة كما هو معروف عنه ، ام تسرب الاسرائيليات من الاخبار إلى متن كتابه وطعن المؤرخين بذلك كما في قصة خلق الشمس والقمروغيرها ، ام شيء آخر؟
نعم هذا ماحصل ، والاعظم من ذلك ان يُعد ذلك تأريخاً ، ويجتر المؤرخون ما جاء به اسلافهم لتصبح تلك الترهات حقائق تُبنى عليها جملة واسعة من التصورات والمعتقدات ، ويختلط السليم بالسقيم.
قال ابن الاثير في سرده لكيفية كتابة تأريخه ( ١ : ٣ ) : « فابتدأت بالتأريخ الكبير الذي صنَّفه الامام ابوجعفر الطبري ، اذ هو الكتاب المعول عند الكافة عليه ، والمرجوع عند الاختلاف اليه ، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه ، لم اخل بترجمة واحدة منها ».
ــــــــــــــــــ
(١) قال ابن معين : ضعيف الحديث ، وقال مرة : فليس خير منه ، وقال أبو حاتم : متروك الحديث ، وقال أبو داود : ليس بشيء ، وقال النسائي والدار قطني ضعيف ، وقال ابن عدي : بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة ، وقال ابن حبان : يرويَ الموضرعات عن الأثبات ، قال : وقالوا : إنه كان يضع الحديث وأتهم بالزندقة ، وقال البرقاني : متروك ، وقال الحاكم : أتهم بالزندقهّ ، وهو في الرواية ساقط.