ومطلوبا ، لأنه يعطيهم الإنطباع عن قيمة الإنسانية في الإنسان ، المتمثلة بما تجلى في يوسف «عليهالسلام» من خصال الخير ، وحميد الصفات ، وفريد المزايا لدى أنبياء الله وأصفيائه ، وهو يؤكد عظم الخسارة بفقد هذا النوع من الناس.
بالإضافة إلى فوائد أخرى تعود على الجازع نفسه ، تكاملا ، وثباتا ، وصلابة في الدين ، وجهادا وصبرا في سبيل الله تعالى ، إلى الكثير من الفوائد الأخرى ..
فهذا الجزع المفيد جدا محبوب ومطلوب لله تعالى ، حتى لو أدى إلى العمى ، أو الخوف من أن يكون حرضا (١) أو أن يكون من الهالكين ..
وأما الجزع على الناس العاديين الذي لا دافع له إلا شدة التعلق العاطفي ، ولا فائدة منه ولا عائدة ، فهو مبغوض لله ، ومحرم على عباد الله تبارك وتعالى. لأنه إنما يعبر عن أنانية طاغية ، وحب عارم للدنيا ، وتعلق مقيت بها ، لأنه إنما يجزع على شيء فقده ، ولذة فاتته.
وربما يبلغ حدّ إظهار الإعتراض على قضاء الله تعالى وقدره.
وهذا يفسر لنا الروايات الصحيحة التي أكدت على استحباب الجزع على الإمام الحسين «صلوات الله وسلامه عليه» ، ويبين لنا المراد من قول علي «عليهالسلام» وهو يرثي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «إن الجزع قبيح إلا عليك الخ ..».
__________________
(١) حرض حرضا من باب تعب : أشرف على الهلاك. راجع مجمع البحرين ج ١ ص ٤٨٩.