وذلك كله يحتم عليه أن يستعين بالأعراب من خارج المدينة ..
فإنهم هم الذين يمكن جمع المئات والألوف منهم ، وهم الذين يمكن أن يبادروا لهتك حرمة أشراف الناس ، طمعا بالمال والنوال. فإن جهلهم وجفاءهم وأعرابيتهم ، تجعلهم يتجاوزون كل الحدود .. وهم الذين قال الله تعالى عنهم : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١).
ولعل هذا الذي كان من هؤلاء الأعراب حين وفاة النبي «صلىاللهعليهوآله» هو الذي أرادت الآية القرآنية أن تلمح إليه ، حيث صرحت بنفاق الأعراب الذين هم حول المدينة ، ولكي تعرّف الناس بالدور الذي سيضطلعون به في ضرب أساس هذا الإسلام العزيز بعد وفاته «صلىاللهعليهوآله».
كما أنه سيكون هناك دور لمنافقي أهل المدينة أنفسهم في هذا السبيل ، فقد قال تعالى : (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (٢).
فإن عذابهم مرتين ربما يشير إلى خيانتهم لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» مرة ، وخيانتهم لوصيه أخرى ، فاستحقوا العذاب مرتين بذلك في الدنيا ، ثم يردون إلى عذاب عظيم في الآخرة.
__________________
(١) الآية ٩٧ من سورة التوبة.
(٢) الآية ١٠١ سورة التوبة.