يَوْمٍ مِنْ دَارِكَ [أَوْ دَهْرِكَ] بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ فَافْعَلْ ، وَلَكَ ثَوَابُ جَمِيعِ ذَلِكَ» ، ومَعلُومٌ أنَّ المُشارَ إليهِ بقولِهِ «بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ» ، هُو هَذا المقدَار الَّذي علَّمهُ السَّائل.
وأمّا الذي رواهُ (صَفْوَان) فَهو وَداعٌ لا زِيارَة ، وفرقٌ ظاهِرٌ بين الودَاعِ وبَين الزِّيارة ، فالزِّيارةً عِند اللِّقاء ، والودَاع عِند الرَّحيلِ والفِرَاق ، وذَلك لِتصريحِ الرَّاوي بِلفظِ الودَاع حيثُ قال : «ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ رَأْسِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عليه السلام ، وَوَدَّعَ فِي دُبُرِهِمَا أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عليه السلام وَأَوْمَى إِلَى الْحُسَيْنِ بِالسَّلَامِ مُنْصَرِفاً بِوَجْهِهِ نَحْوِهِ ، وَوَدَّعَ وَكَانَ فِيمَا دَعَاهُ فِي دُبُرِهَا يَا اللهُ يَا اللهُ يَا اللهُ» ثُمّ قال : «وَرَدْتُ مَعَ سَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام إِلَى هَذَا المَكَانِ ، فَفَعَلَ مِثْلَ الَّذِي فَعَلْنَاهُ فِي زِيَارَتِنَا ، وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوَدَاعِ ، بَعْدَ أَنْ صَلَّى كَمَا صَلَّيْنَا ، وَوَدَّعَ كَمَا وَدَّعْنَاهُ». فَقد بانَ أنّه لَا تَنافِي بَينَ رِوايَتِي (عَلْقَمة) و (صَفْوَان) في بابِ الدُّعاءِ ، لأنَّ سؤالَ (عَلْقَمَة) إِنَّما كَان عن دُعاءِ الزِّيارَة فَقط ، حيثُ قَال : «عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِذَا أنَا زُرْتُهُ مِنْ قَرِيبٍ» فاقْتصَرَ في جوابِهِ عَلى تَعليمِ خُصُوصِ دُعاءِ الزِّيارَة مِن غيرِ تعَرُّضٍ لِدُعاءِ الودَاع.
وأمَّا رِوايةُ (صَفْوان) فإِنَّها حَاكيةٌ لِفعلِ الإِمَام في مَقامِ الزِّيارَة ، ومَعلُومٌ أنَّهُ لَا يَقتصِر في مَقامِ عَمل نَفسِهِ عَلى الزِّيارَة فَقط ، مِن دُون الودَاعِ مِن الزِّيارَة بِمنزِلَةِ التَّعقِيبِ مِن الصَّلاة ، فَهي بدُونِهِ كالصَّلاةِ بلا تَعقِيب فَافهَم ، واغَتَنِم هَذا.