ولعلّه الى ما ذكرنا ينظر كلام العضديّ كما فسّره التفتازاني ، قال في الاستصحاب : وأكثر الحنفيّة على بطلانه ، فلا يثبت به حكم شرعيّ.
قال التفتازاني : كأنّه يشير الى أنّ خلاف الحنفيّة في إثبات الحكم الشرعي دون النفي الأصلي ، وهذا ما يقولون : إنّه حجّة في الدّفع لا في الإثبات ، حتّى أنّ حياة المفقود بالاستصحاب يصلح حجّة لبقاء ملكه لا لإثبات الملك له في مآل مورثه.
أقول : (١) والوجه في ذلك أنّ أصالة عدم انتقال المآل الى المفقود ينافي ما يقتضيه استصحاب البقاء ، فيحتاج في إثبات الانتقال الى دليل آخر.
فحاصل مراد المحقّق : أنّه لا يمكن التمسّك في إثبات السّبع باشتغال الذّمة بالتطهير ، لأنّه لم يثبت إلّا بأحد الأمرين أو بالأقلّ خاصة.
نعم ، يمكن أن يقال بما هو موافق لترجيح السّبع من جهة الاستصحاب ، وأنت خبير بأنّ الأصل والاستصحاب لا يعارضان الدليل. وقد عرفت أنّ الدليل ـ وهو التخيير بين الأمارتين ـ موجود ، ومقتضاه الاكتفاء بالأقلّ.
وإن شئت قل : هناك تعارض الأصلان (٢) ولا مرجّح لأحدهما ، أو الترجيح للمتأخّر ، فعلم بما حقّقناه أنّه لا نزاع في وجوب الاحتياط إذا ثبت اشتغال الذمّة ، والنّزاع إنّما هو في موضوع الاشتغال وعدم الاشتغال ، فالنّزاع [بالنّزاع] لفظيّ (٣).
__________________
(١) فالعضدي مقصوده ليس ما فهمه التفتازاني ، بل مقصوده من قوله : فلا يثبت به حكم شرعي ، انّ استصحاب الوجودي معارض باستصحاب العدمي فلا يكون حجّة لأجل المعارض إلّا إن كان له مرجحا آخر.
(٢) أراد بالأصلين المتعارضين استصاب النجاسة المقتضي لإيجاب الأكثر وأصل البراءة من الزّائد المقتضي للاكتفاء بالأقل.
(٣) ونحن نرى بأنّ الاشتغال لم يثبت إلا بالقدر الذي ثبت من النص والاجماع وبما علم ـ